السواد إذا عدم لم يجب أن يخلفه سواد آخر، بل جاز أن يحصل عقيبه بياض أو حمرة أو غير ذلك وأن لا يحصل شيء من الألوان، إذ لا وجه لوجوب ذلك الحصول، لكنّ دوامه يدلّ على وجوب بقائه. الرابع: لو جوّز العقل عدم كلّ عرض في الآن الثاني من وجوده مع استمراره في الحسّ، لجوّز ذلك في الجسم، إذ الحكم ببقاء الجسم إنّما هو مستند إلى استمراره في الحسّ. وهذا الدليل لا يتمشّى ; لانتقاضه بالأعراض عندهم، فيكون باطلا، فلا يمكن الحكم ببقاء شيء من الأجسام آنين، لكن الشكّ في ذلك عين السفسطة. الخامس: إنّ الحكم بامتناع انقلاب الشيء من الإمكان الذاتي ضروري، وإلاّ لم يبق وثوق بشيء من القضايا البديهية. وجاز أن ينقلب العالَم من إمكان الوجود إلى وجوب الوجود، فيستغني عن المؤثّر فيسدّ باب إثبات الصانع تعالى، بل ويجوز انقلاب واجب الوجود إلى الامتناع(1)، وهو ضروري البطلان. وإذا تقـرّر ذلك فنقول: الأعراض إن كانت ممكنة لذاتها في الآن الأوّل، فتكون كذلك في الآن الثاني، وإلاّ لزم الانتقال من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي، وإذا كانت ممكنة في الثاني جاز عليها البقاء. وقد احتجّوا بوجهين: (1) راجع: محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين: 162، شرح التجريد: 43، ومؤدّاه في: طوالع الأنوار: 89.