وإدراك الحسن والقبح موقوف على حكم الشرع، والشرع كاشف عنهما في ما لا يستقلّ العقل بإدراكه، فالعقل حاكم. فيا معشر العقلاء: بأيّ مذهب يلزم أن يكون الظلم والعدوان والقتل والشرك وسبّ الله ورسوله وما ذكره من الترّهات والطامات حسناً؟! هل الشرع حَسَّنَ هذه الأشياء وحكم بحُسنه؟! وعلى تقدير أن يكون حاكماً بالحُسن، هل يقول الأشاعرة: إنّ الشرع حَكم بحُسن هذه الأشياء حتّى يلزم ما يقول؟! فعُلم أنّ الرجل كَـوْدَن(1) طامّاتي متعصّب، فتعصّب لنفسه لا لله ورسوله! والعجب أنّه كان لا يأمل أنّ العقلاء ربّما ينظرون في هذا الكتاب فيُـفتضح عندهم، ما أجهله من رجل متعصّب، نعوذ بالله من شرّ الشيطان وشـركه!
(1) الكودن: هو البِـرْذَوْن من الدوابّ، وقيل: هو الفيل، وقيل: البغل، ويشبّه به البليـد. انظر مادّة " كدن " في: الصحاح 6 / 2187، لسان العرب 12 / 48، تاج العروس 18 / 475.