بحكمه وإرادته وقضائه وقدره، دبّـرَ أُمور الكائنات في أزل الآزل، وقدّر ما يجري وما يصدر عنهم قبل خلقهم وإيجادهم، ثمّ خلقهم وأمرهم ونهاهم، وأفعاله حكمة وصواب، ولا قبيح في فعله، ولا يجب عليه شيء.. وكلّ ما يفعله في العباد من إعطاء الثواب وإجراء العقاب، فهو تصرّف في ملكه، ولا يتصوّر منه ظلم، ولا يسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وهو منزّه عن فعل القبائح، إذ لا قبيح بالنسبة إليه، ونحن نرضى بقضائه، والقضاء غير المقتضي.. هل الأَوْلى هذا؟! أو يقال: الإله الذي ندعوك إليه له شركاء في الخلق، فأنت تخلق أفعالك والناس يخلقون أفعالهم، وهو الموجب الذي لا تصرّف له في الكائنات بالإرادة والاختيار، بل هو كالنار إذا صادف الحطب يجب عليه الإحراق. والعبد إذا عمل حسنة وجب عليه الثواب، فهذه الحسنة كالدين على رقبته يجب عليه ثوابها، وإذا عمل سيّئة يجب عليه عقابها، وليس له أن يتفضّل ويتجاوز بفضله عن ذلك الذنب، بل الواجب واللازم عليه عقابه، كالنار الواجب عليها الإحراق. وإنّه خلق العالَم ولم يجرِ له قضاء سابق وعلم متقدّم، بل يحدث الأشياء على سبيل الاتّفاق، وله الشركاء في الخلق، وهو يخلق والناس يخلقون؟! وهل الأَوْلى أن يقال له: من ديننا أنّه تعالى حاكم قادر مختار، يكلّف الناس كيفما شاء ; لأنّه يتصرّف في ملكه، فإذا أراد كلَّفهم حسب طاقتهم، وجاز له ولا يمتنع عليه أن يكلّف فوق الطاقة، لكن بفضله وكرمه لم يكلّف الناس فوق الطاقة ولم يقع هذا..