المدح عند العقلاء، ومعنى القبيح: ما يستحقّ فاعله الذمّ عند العقلاء، وهذا هو محلّ النزاع، فإنّا نُثبته، وهم ينكرونه، فإدخال كلمة " الثواب والعقاب " في تعريفهما خطأ ظاهر. فالحقّ أنّ النزاع بيننا وبينهم في أنّ الفعل هل فيه جهة تُحسّنه أو تُقبّحه عقلا، أو لا؟ بل يتبع في حسنه وقبحه أمر الشارع ونهيه، ولا حكم للعقل في حسن الأفعال وقبحها، فما نُهي عنه شرعاً قبيح، وما لم يُنه عنه حسن، كالواجب والمندوب، وكالمباح عند أكثرهم، وكفعل الله سبحانه ; لأنّها جميعاً لم يُنه عنها شرعاً. وأمّا فعل الصبي فقد قال في " شرح المواقف ": " مختلف فيه "(1). وأمّا فعل البهائم فقد قال: " قيل: إنّه لا يوصف بحسن ولا قبح باتّفاق الخصوم "(2). وكيف كان! فقد اختار الأشاعرة الثاني(3). والحقّ عندنا: الأوّل ; ضرورة أنّه ـ مع قطع النظر عن الشرع ـ نرى الفرق الواضح بين السجود والتعظيم للملك القهّار، والسجود والتعظيم لخسيس الأحجار، وبين الصدق النافع والكذب الضارّ. وعلى رأي الأشاعرة لا فرق بينهما عقلا، مع قطع النظر عن الشرع(4)، وهو حقيق بالعجب.
(1 ـ 3) شرح المواقف 8 / 181. (4) الإرشاد ـ للجويني ـ: 230، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين: 294، شرح المواقف 8 / 182.