ولا محلاًّ لها ; وليس هذا نقصاً في القدرة ألبتّـة. وبالجملـة: تأثير الأسباب الطبيعية في مسـبّباتها، وتوقّفها عليها عقلا، ضروريّ عند العقلاء، بلا نقص في قدرة القادر ; لأنّ محلّ القدرة هو المسبّب بسـببه، لا بدونه. لكنّ الأشاعرة أنكروا سـببيّة الأسباب الطبيعيّة واقعاً، وتوقّف المسـبَّبات عليها عقلا، وادّعوا تأثّر المسبَّبات عن القادر بلا توسّط أسبابها الطبيعيّة واقعاً، فخالفوا ضرورة العقلاء، ولزمهم أن يمكن وجود الأسباب الطبيعيّة بلا مسـبّباتها، وبالعكس! ويترتّب عليه عدم الحكم على الجسم بالحدوث، ولا على المركّب بالإمكان، وعدم صحّة الاسـتدلال بالمقدّمات على النتائج. أمّـا الأوّل: فلاسـتلزام تلك الدعوى جواز وجود الجسم بلا حركة ولا سكون ; لأنّهما أثران طبيعيان للجسم، وإذا جاز وجوده بدونهما لم يثبت حدوثه ; لأنّ الدليل على حدوثه هو استلزامه عقلا للحركة والسكون الحادثَين. وأمّـا الثاني: فلأنّ أجزاء المركّب سبب طبيعي له، فلو جاز عقلا تحقّق المسبَّب بدون سببه الطبيعي، لجاز وجود المركّب بغير أجزائه، فلم ينافِ التركيب وجوب الوجود، وجاز أن يكون المركَّب واجباً، والواجب مركَّباً، وهو باطل. اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ محاليّة وجود المركّب بلا أجزائه، من حيث منافاته لحقيقة التركيب، لا من حيث السـببية، حتّى يضرّ في المدّعى. وفيـه: إنّ المنـافاة إنّما نشـأت واقعاً من جهة الســببـيّـة، إذ لولاها لم تحصل المنافاة.