اعتقاده؟!]. وما أعجب حالهم! يمنعون من لزوم(1) مشـاهدة أعظم الأجسام قدراً، وأشدّها لوناً وإشراقاً، وأقربها إلينا، مع ارتفاع الموانع، وحصول الشرائط! و [من] سماع الأصوات الهائلة القريبة! ويجوّزون مشاهدة الأعمى لأصغر الأجسام وأخفاها في الظُلَم الشديدة، وبينهما غاية البعد! وكذا في السماع! فهل بلغ أحد من السوفسطائية ـ في إنكار المحسوسات ـ إلى هذه الغاية، ووصل إلى هذه النهاية؟! مع أنّ جميع العقلاء حكموا عليهم بالسفسطة، حيث جوّزوا انقلاب الأواني التي في دار الإنسان، حال خروجه، أُناساً فضلاء مدقّقين في العلوم، حال الغَـيْبة! وهـؤلاء جـوّزوا حـصـول مـثـل هـذه الأشـخـاص في الحـضـور، ولا يُشاهَدون، فهم أبلغ في السفسطة من أُولئك! فلينظر العاقل المنصف المقلِّد لهم! هل يجوز له أن يقلّد مثل هؤلاء القوم، ويجعلهم واسطة بينه وبين الله تعالى، ويكون معذوراً برجوعه إليهم وقبوله منهم، أو لا؟! فإنْ جوّز ذلك لنفسه ـ بعد تعقّل ذلك وتحصيله ـ فقد خلّص المقلَّدَ من إثمه، وباءَ هو بالإثم ; نعوذ بالله من مزالّ الأقدام! وقـال بعض الفضلاء(2) ـ ونِعم ما قال ـ: كلّ عاقل جـرّب الأُمـور
(1) ليسـت في المصدر. (2) انظر مؤدّاه في الرسالة السعدية: 43.