فإنّه لا يشكّ في إدراك السليمِ حرارةَ النار إذا بقي فيها مدّة مديدة حتّى تنفصل أعضـاؤه. ومحالٌ أن يكون أهلُ بغداد ـ على كثرتهم وصحّة حواسّهم ـ يجوزُ عليهم جيش عظيم، ويُقتلون، وتُضرب فيهم البوقات الكثيرة، ويرتفع الريح، وتشـتدّ الأصوات، ولا يُشاهِد ذلك أحد منهم، ولا يسمعه! ومحـالٌ أن يَرفع أهلُ الأرض ـ بأجمعهم ـ أبصارهم إلى السـماء، ولا يشـاهدونها! ومحـالٌ أن يكون في السماء ألف شمس، وكلّ واحدة منها ألف ضعف من هذه الشمس، ولا يشاهدونها! ومحالٌ أن يكون لإنسان واحد، مُشاهَد أنّ عليه رأساً واحداً، ألف رأس لا يشاهدونها، وكلّ واحد منها مثل الرأس الذي يشاهدونه! ومحـالٌ أن يخبر واحدٌ بأعلى صوته ألف مرّة، بمحضر ألف نفس، كلّ واحد منهم يسمع جميع ما يقوله، بأنّ زيداً ما قام، ويكون قد أخبر بالنفي، ولم يسمع الحاضرون حرف النفي، مع تكرّره ألف مرّة، وسماع كلّ واحد منهم جميع ما قاله! بل عِلمُنا بهذه الأشياء أقوى بكثير من عِلمنا بأنّه حال خروجنا من منازلنا، لم تنقلب الأواني ـ التي فيها ـ أُناساً مدقّقين في علم المنطق والهندسـة. وأنّ ابني الذي شـاهدتُه بالأمس، هو الذي شـاهدتُه الآن. وأنّه لم(1) يحدث حال تغميض العين ألف شمس، ثمّ تُعـدم عنـد