فلا ريب ببطلانه، لمخالفته للضرورة القاضية بامتناع رؤية بعض الموجودات، كالكيفيات النفسانية والروائح والطعوم، فليس هو إلاّ تشـكيكاً في البديهيّ!
وأمّـا ما ذكره من حقيقة الرؤية، ففيـه:
إنّ تلك الحالة الحاصلة عند التغميض إنّما هي صورة المرئي، ومحلّها الحسّ المشترك أو الخيال، لا الباصرة، وهي موقوفة على سبق الرؤيـة.
فحينئذ إنْ كانت رؤية الله سبحانه ممتنعة، فقد امتنعت هذه الحالة، وإلاّ فلا حاجة إلى تكلّف إثبات هذه الحالة وجعلها هي محلّ النزاع.
ولو سُلّم أنّها غير موقوفة عليها، بناءً على أنّه أراد ما يشبه تلك الحالة الحاصلة عند التغميض لا نفسها، فنحن لا نحكم عليها بالامتناع عادة بدون الشرائط كما حكم هو عليها ; لأنّها ـ كما زعم ـ شبيهة بالبصيرة في إدراك المعقولات، فكيف تمتنع بدون الشرائط؟!
مع أنّها ليست محلّ النزاع ألبتّة، بل محلّه الرؤية المعروفة، كما يرشد إليه دليل الأشعري السابق، فإنّ من تأمّله عرف أنّه أراد الرؤية المعروفة.
ولذا احتاج إلى جعل العلّة للرؤية هي الوجود، ليتسـنّى له دعوى إمكان رؤية الله تعالى، وإلاّ فلو أراد رؤية أُخرى غيرها، لم يكن لإثبات كون الوجود علّة للرؤية المعروفة دخل في تجويز رؤية أُخرى عليه سـبحانه.