فظهر أنّ ما نسبه المصنّف إليهم من جواز إدراك المعدومات، لازمٌ لهم من أقوالهم، وأراد بالنسبةِ إليهم النسبةَ بحسب ما يلزمهم، وإنْ لم يقولوا به ظاهراً.
ثـمّ إنّه أراد بقوله: " لا فرق بين رؤية الطعوم والروائح، وبين رؤية المعدوم، وكما إنّ العلم باستحالة رؤية المعدوم ضروريّ... " إلى آخره.. دفع اسـتبعاد نسبة جواز رؤية المعدوم إليهم.
وحاصلـه: إنّ رؤية الطعوم والروائح مستحيلة عقلا بالضرورة كرؤية المعدوم بلا فرق، فإذا التزموا بجواز رؤية الطعوم ونحوها، مكابرةً ومخالفةً لضرورة العقل والعقلاء، لم يُسـتبعد منهم القول بجواز رؤية المعدوم.
وبهذا تعرف أنّ ما ذكره الفضل في جوابه بقوله: " قد ذكرنا أنّه إنْ أراد ـ بهذه ـ الاستحالةَ العقليةَ، فممنوع... " إلى آخره.. لا ربط له بكلامه، اللّهمّ إلاّ أن يريد الجواب بدعوى الفرق بين الاسـتحالتين، بأنّ اسـتحالة رؤية الطعوم عاديّة، واسـتحالة رؤية المعدوم عقلية!
فيكون قد كابر ضرورة العقل من جهتين: من جهة: دعوى الفَـرْق، ومن جهة: أصل القول، بأنّ اسـتحالة رؤية الطعوم ونحوها عاديّة.
وأمّـا ما أجاب به عن التسلسل:
فمع عدم ارتباطه بمراد المصنّف، غير دافع للتسلسل..
أمّـا عدم ارتباطه به ; فلأنّه فهم تسلسل الرؤية بأنْ تتعلّق الرؤية برؤيـة أُخـرى، إلى ما لا نهايـة له، بنـاءً منه على أنّه أراد بالمعنى: الرؤيـةَ