ترى في قوله تعـالى: ( قـال أصحـابُ موسـى إنّا لَـمُـدْرَكُون )(1).. فلا شكّ أنّه يريد به الإحاطة!
وأمّـا الإدراك بالمعـنى المـرادف للعلـم، فهـو من اصطلاحـات الحكماء ; لا أنّ في كلام العرب يكون الإدراك بمعنى: العلم والإحساس.
ولا شكّ أنّ الإحاطة به [تعالى] نقصٌ، فيكون نفيه مدحاً، والرؤية التي نثبتها ليسـت إحاطة.
ثـمّ الاستدلال بجواب موسى، وهو قوله تعالى: ( لن تراني )(2) لمّا سأل الرؤية، و (لن) للنفي المؤبّد، فامتنعت الرؤية في حقّ موسى، ففي حقّ غيره من باب الأَوْلى..
فقد أجاب عنه الأشاعرة بمنع كونه للنفي المؤبّد(3) [بل هو للنفي المؤكّد].
وعندي أنّه للنفي المؤبّد، وهذا ظاهر على من يعرف كلام العرب.
ولكنّ التأبيد المستفاد منه بحسب مدّة الحياة ; مثلا: إذا قال أحد لغيره: لن أُكلّمك ; فلا شكّ أنّه يقصد التأبيد في زمن حياته، لا التأبيد الحقيقي الذي يشمل زمان الآخرة، وهذا معلوم في العرف.
فالمراد بـ: ( لن تراني ) نفي الرؤية في مدّة الدنيا، وهذا لا ينافي رؤية موسى (عليه السلام) في الآخرة.
(1) سورة الشعراء 26: 61.
(2) سورة الأعراف 7: 143.
(3) تفسير الفخر الرازي 14 / 242، الأربعين في أُصول الدين ـ للرازي ـ 1 / 300 جواب الشبهة الثانية، شرح المقاصد 4 / 207، شرح المواقف 8 / 118.