شرح مسند ابی حنیفه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فإن كان يريد بالتوكل التحرز من الآفات والبلاء ، لا السكون إلى ما سبق من القضاء ، فأمره النبي صلى
الله عليه وسلم بالنوع الذي وقع فيه المشورة إذ المستشار مؤتمن ، ومثله ما
قال عليه السلام لكعب بن مالك المتخلف عن غزوة تبوك أحد الثلاثة : " أنفق عليك مالك " حين قال : نيتي أن
أتخلع من مالي ، وقال لبلال : " أنفق مالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا " لأنه صلى الله عليه وسلم كان
مستكمل التوكل على الله .ساكنا إلى ماله عند مولاه ، غير ملتفت إلى حظه وهواه .وأما غيره ، فكان مراده الاحتراز عن المكاره ، والاحتمال لدفع المضار ، وكذا قيل لأبي بكر الصديق :
أن يدعى لك الطبيب .قال : الطبيب أمرضني .وإليه أشار الجليل بقوله : ( وإذا مرضت فهو يشفين ) والقيل إلى النوع الثاني عن سعد بن الربيع ، كواه
النبي صلى الله عليه وسلم ، وأتى رحبه الدهني هناك ، من هنا ، فخرجها بمشقص .ثم اعلم أن الحسن بن زياد ذهب إلى أن التداوي لا يجوز ، لأنه يمنع التوكل على الله تعالى ( فتوكلوا إن
كنتم مؤمنين
) تحقيق التوكل والتداوي
ويؤيده ما ذكر عن الصديق ، ويقويه ما روي عن أبي الدرداء أنه قيل له في مرضه : ما تشتكي ؟ فقال : ذنوبي
، قيل له : ما تشتهي ؟ قال : مغفرة ربي ، قيل : ألا ندعوا لك طبيبا ؟ قال : الطبيب أمرضني .وقيل لأبي ذر حين رمدت عيناه ، لو تداويت ؟
قال : إني عنهما لمشغول ، قيل : لو دعوت الله حتى يعافيهما ؟قال : أسألته فيهما هو على أنهم أهني .وكان الربيع بن خشعم أصابه فالج ، فقيل له : لو تداويت ؟
قال أردت ذلك ، ثم ذكرت عادا وثمودا وقرونا
بين ذلك كثيرا ، إنهم أطباء وملوك وأمراء هلكوا ، ونعم ما قيل إن الطبيب يطبه .