في التمسك بحكم العقل بقبح الاعانة على المعصية
كبيع الخشب ممن يعمل صنما " أو بربطا " ( 1 ) و نحوهما ، و بيع العنب ممن يعمل خمرا ( 2 ) فتارة يعلم البايع انه يصرفه في الحرام و أراد ذلك فعلا ، و اخرى يعلم بعدم ارادته الحرام لكن يعلم بتجدد ارادته لذلك ، و عليه تارة يكون البيع أو تسليم المبيع له موجبا لارادته كما لو كان العنب جيدا " صالحا " للتخمير فإذا باعه صار موجبا لارادته ، و اخرى يكون تجددها لا لذك ، و على ان حال تارة يكون البيع بداعي توصله إلى الحرام أو برجاء ذلك ، و اخرى لا يكون كذلك ، و على اى حال تارة يترك الحرام مع تركه البيع ، و اخرى لا يترك لوجود بايع غيره و الاولى صرف الكلام أولا إلى الحكم الكلى ، ثم الكلام في الروايات الخاصة فيقع الكلام في مقامين : أحدهما فيما يمكن ان يستدل به على الحكم و هو امور : أحدها حكم العقل بقبح اعانة الغير على معصية المولى و إتيان مبغوضه ، فكما ان اتيان المنكر قبيح عقلا ، و كذا الامر به و الاغراء نحوه قبيح كذلك تهيئة أسبابه و الاعانة على فاعله قبيح عقلا موجب لاستحقاق العقوبة ، و لهذا كانت القوانين العرفية متكفلة لجعل الجزاء على معين الجرم و ان لم يكن شريكا في اصله ، فلو أعان احد السارق على سرقته و هيئ ؟ أسبابه و ساعده في مقدماته ، يكون مجرما " في نظر العقل و العقلاء و فى القوانين الجزائية ، و قد ورد نظيره في الشرع فيما لو أمسك احد شخصا و قتله الآخر و كان ثالث نظر لهما : ان على القاتل القود ، و على الممسك الحبس حتى يموت ، و على الناظر أو الربيئة تسميل عينيه ( 3 ) و لا منا فات بين ذلك و بين ما حررناه في الاصول من عدم حرمة مقدمات الحرام مطلقا ، لان ما ذكرناه في ذلك المقام ، هو إنكار الملازمة بين حرمة الشيء و حرمة مقدماته ، و ما أثبتناه ههنا : إدراك العقل قبح العون على المعصية و الاثم لا لحرمة المقدمة ، بل لاستقلال العقل على قبح الاعانة على ذي المقدمة الحرام و ان
1 - الوسائل - كتاب التجارة - الباب 41 - من أبواب ما يكتسب به .
2 - الوسائل - كتاب التجارة - الباب 59 - من أبواب ما يكتسب به .
3 - الوسائل - كتاب القصاص - الباب 17 - من أبواب القصاص في النفس .