فالآيات الكريمة واردة في توبيخ من اشاع الفاحشة في المسلم بلا حجة و علم ، فهي مربوطة بأصل الصحة ، و لو كانت القضيه مربوطة بمارية القبطية زوجة رسول الله صلى الله عليه و آله و كانت عائشة افكة لم تدل الآيات على وجوب حمل فعل المسلم على الصحة ايضا بل واردة فيما ذكرناه ، اذ لم يصدر فعل منها مرددا بين الصحيح و الفاسد .الا ان يقال : ان الافك في مارية راجع إلى مبدء ولدها ، و هو مردد بينهما ، و التوبيخ لاجل عدم حمل فعلها على الصحة ، لكنه كما ترى بعيد عن ظاهر الآيات كما لا يخفى ، فان الظاهر منها ان القول بلا علم و حجة افتراء و أفك ، و ان التوبيخ ورد لذلك ، لا على القول مع الحجة و العلم على الخلاف ، بل يحتمل ان يكون مبنى التوبيخ قيام الاستصحاب العقلائي أو الشرعي على عدم صدور القبيح بناء على ان البناء على العدم كاف في إثبات كون النسبة افكا ( تأمل ) بل لقائل ان يقول : ان الآيات تدل على عدم حجية اصالة الصحة في الاقوال ، و الا فمقتضى جريانها فيها و أماريتها على الواقع ثبوت الواقع بها ، فيخرج الموضوع عن الافتراء ، و لا وقع للتوبيخ مع حجيتها .ثم لو قلنا : بجريان اصالة الصحة في الاقوال و الافعال مطلقا فالقدر الثابت منها و من بناء العقلاء هو البناء على الصحة الواقعية و ترتيب آثارها في خصوص مورد المشكوك فيه و مورد جريان الاصل فإذا شك في صحة الصلوة و فسادها تحمل على الصحة واقعا و يترتب عليها آثارها ، و اما لو كانت صحتها ملازمة لعنوان آخر فلا يثبت بها فلو صلى و شك في صحتها من اجل دخول الوقت و عدمه تحمل على الصحة الواقعية لكن لا يثبت بها دخوله و لا كون المصلى على طهر أو لباسه من محلل اللحم لو شك فيها ، فعليه لا يترتب على صحة قول المغتاب جواز الاستماع ، لان جريان اصالة الصحة في قوله بما انه فعل صادر منه و حركة من حركاته فيحمل على انه مباح من هذه الجهة لكن لا يثبت بها ان مقوله موافق للواقع و ان المغتاب بالفتح جائز الغيبة أو متجاهر مثلا ، فان جواز الاستماع مترتب على كون المغتاب بالفتح جائز الغيبة أو على كون قوله كاشفا عن كون غيبة المغتاب من مستثنيات حرمتها و ليس مترتبا على صحة