في عدم وقوع التعارض بين ادلة المستحبات والمحرمات وبيان علته
الرواية المشتملة على قوله ما لم يعص به بعبد الله بن الحسن المجهول و ان كان كثير الرواية عن على بن جعفر ، و الظاهر اتقان رواياته ، و عن الكفاية انه مروى في قرب الاسناد للحميري باسناد لا يبعد الحاقه بالصحاح ( 1 ) و ان قال بعض المدققين ( 2 ) ما رايت ذلك في الكفاية في باب الغناء و المكاسب ، و فى كتاب القضاء و الشهادات ، و كيف كان لم يصل الاعتماد عليها بحد يمكن تقييد الادلة سيما تلك المطلقات المستفيضة بها ، و الرواية الاخرى صحيحة لكن قوله : ما لم يزمر به يحتمل وجوها ، منها ما تقدم ، و منها ما احتمله الشيخ الانصاري اى لم يرجع به ترجيع المزمار ، أو لم يتغن به على سبيل اللهو ، أو لم يقصد منه قصد المزمار ، و ليس ظهورها في الاول معتدا " به ، أمكن معه تقييد المطلقات الكثيرة فالأَحوط بل الاقوى عدم استثناء أيام العيد و الفرح .
و اما المراثي و القرائة بالقرآن فربما يقال : باستثنائهما ، و استدل عليه بعمومات ادلة الا بكاء و الرثاء و قراءة القرآن بدعوى ان التعارض بينها و بين ادلة حرمة الغناء من وجه و مقتضى القاعدة تساقطهما و الرجوع إلى الاصل ، و مقتضى ذلك توسعة الجواز بكل مورد ينطبق عليه أو يلازمه عنوان مستحب كاكرام الضيف و إدخال السرور في قلب المؤمن و قضاء حاجته بل توسعة نطاقه إلى ساير أبواب الفقة فيقال : بمعارضة كل دليل في المستحبات مع ادلة المحرمات إذا كان بينهما عموم من وجه كالمقام بل يأتى الكلام في ادلة المكروهات مع الواجبات و المحرمات ، و أنت خبير بانه مستلزم لفقه جديد و اختلال فيه ، و لم يختلج ذلك التعارض و العلاج في ذهن فقهاء الشريعة ، و ليس مبنى فقه الاسلام على نحوه ، و هو كاف في فساد هذا التوهم .
نعم لا بأس ببيان سر عدم وقوع التعارض بين ادلة المستحبات و المحرمات ، يظهر من الشيخ الانصاري فيه وجوه و ان يترائى من تعبيراته انه بصددبيان وجه واحد .
1 - الناقل عن الكفاية هو الشيخ الاعظم .
2 - هو العلامة الميرزا الشيرازي الثاني رحمه الله .