أغزر منه كثيرا مما يقع على ارض معيقة عنالجريان غير معتصم، و هذا على خلافالارتكاز العرفي. و ان أريد الجريانالشأني فلا دليل على اشتراطه، لانالروايات التي أخذ فيها قيد الجريان ظاهرةفي فعلية الجريان كما هو الحال في سائرالعناوين. و يندفع هذا الكلام: بان اشتراطالجريان الفعلي إذا كان على خلاف الارتكازالعرفي، فهذا الارتكاز بنفسه يكون قرينةعلى كون الجريان المأخوذ شرطا فيالروايات، بمعنى الجريان الشأني أو بكلمةأخرى: يكون قرينة على أنه شرط على وجهالطريقية و بما هو معبر عن غزارة الماء، لاعلى وجه الموضوعية، فلا بد إذن من ملاحظةما يستدل به من الروايات على اعتبارالجريان، فان تمت دلالتها على ذلك حملناهابقرينة الارتكاز المذكور و مناسبات الحكمو الموضوع العرفية على كونه معتبرا بنحوالطريقية.
و أهم هذه الروايات صحيحة علي بن جعفرالمتقدمة، التي ورد فيها قوله «إذا جرىفلا بأس به» فتكون مقيدة للمطلقات على فرضوجودها و قد يستشكل في ذلك: تارة بحملالجريان فيها على الجريان من السماء،فيكون المقصود من الشرطية المذكورةاشتراط التقاطر من السماء في مقابلالانقطاع. و اخرى بحمل اشتراط الجريان علىخصوصية في مورد الرواية، و هي ان ماء المطريقع على مكان متخذ مبالا، و في مثل هذاالمكان إذا لم يجر الماء يتغير عادة،فلهذا جعل الجريان شرطا في بقاء الماء علىالطهارة. و كلا الاستشكالين في غير محله:اما الأول فلأن الجريان ينصرف إلى الجريانالافقي دون العمودي، و لو أريد اشتراطالتقاطر من السماء لكان المناسب التعبير،(بأنه إذا كان جاريا فلا بأس) لا بأنه (إذاجرى فلا بأس) فإن التعبير الثاني ظاهر فيكفاية حدوث الجريان، و هذا إنما يناسبشرطية الجريان على الأرض. و اما الثانيفلأن ظاهر أخذ الجريان على ظهر البيت شرطاأخذه بعنوانه، لا باعتباره ملازما لأمرآخر و هو عدم التغير، فحمله على عدم التغيربلا قرينة غير صحيح. خصوصا ان المقصود منالتقييد بالجريان إذا كان التحفظ من ناحيةالتغير، على أساس أن الجريان يساوق الكثرةالمانعة عن التغير فهذا المقصود حاصل بدونحاجة إلى التقيد بالجريان، لأن سؤالالراوي عن أخذ الماء منه للوضوء بنفسه يدلعلى كثرته، بنحو يمكن اغتراف الماء منهللوضوء، و إذا كان المقصود من التقييدبالجريان التحفظ من التغير على أساس أنالجريان يوجب تحرك الماء عن الموضع النجس،و عدم مكثه عليه بنحو يتغير به، فلازم ذلكالتقييد بالجريان من الموضع النجس إلىغيره، لا بصرف الجريان كما وقع في الرواية.