فلو حملت تلك الروايات على وجود نجاسةلزومية، لزم كون ماء البئر النابع أسوأ منالمحقون، المعتصم كثيره، و هذا يعنى دخلالمادة في سلب الاعتصام عن ماء البئرالكثير. و هذا على خلاف الارتكاز العرفي.
فيكون هذا الارتكاز بنفسه قرينة على كونالأمر بالنزح أمرا تنزيهيا و أدبا شرعيا،لو لم يمكن جعله قرينة على التقييدبالقليل من ماء البئر خاصة.
و لا ينبغي الشك في صحة الجمع العرفيالمذكور، مع ملاحظة مجموع هذه المؤيدات والمقربات، و ان كان بعض المؤيدات التيذكرناها قابلة للمناقشة أو لمنع صلاحيتهاللتأييد.
الوجه الثاني لعلاج التعارض بينالطائفتين
دعوى: ان التعارض بينهما مستحكم، و لا جمععرفي، و معه لا بد من الرجوع إلى المرجحات.
و الترجيح مع الاخبار الدالة على الطهارةو الاعتصام، لأنها موافقة للكتاب الكريم،المتكفل لطهورية الماء على الإطلاق فيقوله تعالى «وَ أَنْزَلْنا مِنَالسَّماءِ ماءً طَهُوراً». و موافقةالكتاب هي أول المرجحين العلاجيين.
و يرد عليه: أولا: ان الجمع العرفي تام،كما تقدم و ثانيا: ان الماء في الآيةالكريمة ليس له إطلاق أفرادي، ليكون إطلاقالكتاب لماء البئر مرجحا للطائفة الدالةعلى الطهارة، كما أوضحنا ذلك مفصلا فيالجزء الأول من هذا الشرح. و ثالثا: أنه لوسلم الإطلاق الأفرادي فلا نسلم الإطلاقالاحوالي بنحو يشمل الحالات المتعقبةللإنزال، بما فيها حالة الملاقاةللنجاسة، بل المنساق من الآية الكريمة كونالماء طهورا بحسب طبعه. و ان شئت قلت: انإنزال الماء الطهور يكفي في صدقه ان يكونالماء حين النزول طاهرا، و لا يدل علىاستمرار الطهارة بعد