الأنهار لم تنشأ فعلا من المطر، و إنمانشأت من ذوبان الثلوج، التي يرجع أصلهاإلى المطر. فالقول: بان الماء النازل منالسماء ما دام ماء و لم يخرج عن حقيقةالماء بالانجماد أو غيره محكومبالاعتصام، لا يوجب إلغاء دليل انفعالالماء القليل رأسا.
كما أن الصحيح أيضا عدم اختصاص العنوانبالمرتبة الأولى، بقرينة ان جملة منروايات الباب ناظرة إلى الماء الجاري علىالأرض، فلا بد من الالتزام بدخول المرتبةالثانية تحت الحكم بالاعتصام، و قد يقرباعتصام الماء المستقر على الأرض مع فرضاتصاله بالمطر، حتى مع عدم فرض الإطلاق فيدليل اعتصام المطر، بدعوى: انه ماء متصلبالمعتصم فيعتصم به، بلحاظ ما دلت عليهصحيحة ابن بزيع من اعتصام ماء البئرلاتصاله بالمادة و يرد على هذا التقريب اناتصال الماء المستقر على الأرض بالخطالعمودي من التقاطر و ان كان ثابتا غير أنهذا النحو من الاتصال لا يكفي للاعتصامحتى في مورد المادة الأرضية لأنه ليساتصالا حقيقيا و لهذا قالوا بأن المادةإذا كانت عالية و يتقاطر منها الماء، فلايحكم باعتصام المتقاطر لعدم الاتصالالحقيقي فكذلك هنا. و أما اتصال الماءالمستقر مع القطرة الأخيرة من ذلك الخطالعمودي الملاقية له، فهو و ان كان اتصالاحقيقيا، و لكنه لو كفى لحصول الاعتصامحينه فلا يكفي لحصول الاعتصام في الآناتالمتخللة بين سقوط قطرة و سقوط اخرى.
و أما المرتبة الثالثة، فإلحاقهابالمرتبة الرابعة في عدم الاعتصام يتوقفعلى النظر في مدرك إخراج المرتبة الرابعةمن دليل الاعتصام. فان كان المدرك هو إجمالالعنوان الموجب للاقتصار على المتيقن، أوقرينية الارتكاز العرفي، فهو بنفسه يقتضيإخراج المرتبة الثالثة أيضا.