رواية سماعة، «قال: سألت أبا عبد اللّه(عليه السلام) عن رجل معه إناءان فيهما ماءوقع في أحدهما قذر لا يدرى ايها هو و ليسيقدر على ماء غيره قال: يهريقهما و يتيمم».و مثلها رواية عمار.
و الكلام يقع في هذا النص- بعد وضوح رفعاليد به عن مقتضى القاعدة- في تشخيصالموضوع تارة، و تحديد المحمول أخرى.
اما من ناحية الموضوع، فالظاهر اختصاصمورد النص بالمائين القليلين، فيبقىالباقي تحت القاعدة. و وجه الاختصاصالتعبير بقوله (وقع في أحدهما قذر) الظاهرفي الانفعال بالملاقاة. و يؤيده عنوانالإناء المناسب لذلك و كذلك فرض كونالإناء معه.
و اما من ناحية المحمول، فهناك أمران.أحدهما، الأمر بالإراقة.
و الآخر، الأمر بالتيمم. اما الأمربالإراقة، فقد يقال: بعد وضوح عدم كونهأمرا مولويا نفسيا- و لو بقرينة الارتكاز-أنه يتكفل وجوبا استطراقيا بمعنى وجوبالإراقة تحقيقا لموضوع وجوب التيمم و هوالفقدان، و يرد عليه: أن مقتضى ذلك عدمتحقق موضوع وجوب التيمم قبل الإراقة، و هويساوق وجوب الوضوء، فيكون إيجاب الإراقةالمعجز عن وجوب الوضوء غير عقلائي، فلايصح حمل الدليل على مثل هذا المفاد.
نعم، لو فرض ان الفقدان كان قيدا للواجبلا للوجوب رجع إلى الأمر بالتيمم المقيدبالفقدان، و لكن قيدية الفقدان للواجببصورة مستقلة عن تقييد الوجوب به لما كانأمرا غير معهود و لا مفهوم عرفا، فلا يكونالدليل ظاهرا في ذلك، بل هو ظاهر فيالإرشاد إلى عدم الانتفاع بالماء.
أو هو على الأقل محتمل لذلك بنحو يوجبالإجمال، فلا ملزم نفس أو شرطي بالإراقة.
و اما الأمر بالتيمم، فقد يستدل به علىتعينه بنحو لا يجوز الوضوء حتى بالنحوالمتقدم في الصورة الثالثة. و لكن الظاهرعدم دلالته على ذلك، لأنه أمر في مورد توهمالحظر، و مثل هذا الأمر لا يدل على أكثر منالمشروعية. فالمكلف مخير في مورد النص بينالتيمم و بين الوضوء بالنحو المشار إليه،و بذلك يقيد إطلاق دليل وجوب الوضوءالمقتضى لتعين الوضوء، و لو باستعمالالصورة الثالثة. و بعد رفع اليد عن إطلاقهالمقتضى للتعين بروايات الباب يثبتالتخيير المذكور. بل لو فرض استعمال الماءفي الوضوء بالنحو المذكور في الصورةالرابعة صح الوضوء أيضا، تمسكا بإطلاقدليله، حتى لو قيل باستلزام هذه الصورةللابتلاء بمحذور النجاسة الخبثية، غايةالأمر، أن المكلف على هذا التقدير يكونمقصرا في تفويت الطهارة الخبثية على نفسهبسوء اختياره، بعدوله عن الصورة الثالثةإلى الرابعة.