ماء واحدا، و قد لاقى النجاسة و ان كانالماء المذكور مائين، فكما لا ينفعلالعالي بملاقاة السافل، كذلك لا يقويهلكونه ماء آخر.
التشويش الثاني: حول التفصيل بين الماءالكثير الذي له عال و سافل فان سافله يتقوىبالعالي دون العكس، إذ يقال: انه إذا كانواحدا فالاعتصام يثبت له بتمام اجزائه، وان كان ماءين فلا يتقوى سافله بعاليه.
و رفع كلا التشويشين- بعد افتراض وحدةالماء الذي له عال و سافل سواء كان قليلاأو كثيرا- ان عدم انفعال العالي بملاقاةالسافل و عدم تقويه بالسافل انما هولمناسبات ارتكازية، بلحاظ وقوع عنوانالماء موضوعا للحكم بالانفعال في دليله،أو موضوعا للحكم بالاعتصام في دليله.
أما دليل الانفعال فقد تقدم في الجزءالأول توضيح المناسبات الارتكازية التياقتضت عدم انفعال العالي بملاقاة النجاسةللسافل. و أما دليل الاعتصام فان العرف يرىبارتكازه ان الكثرة إنما تكون عاصمة ومانعة عن تأثير النجاسة، إذا كانت أبعاضالماء الأخرى بنحو تمد البعض الملاقيللنجاسة، و أما مع فرض عدم كونه صالحاللاستمداد من الأبعاض الأخرى كالعاليبالنسبة إلى السافل، فلا يرى في الارتكازالعرفي للسافل تأثير في منعته و عصمته، وهذه قرينة لبية تقيد إطلاق دليل الاعتصامتقييدا متصلا.
و منه يظهر الفرق بين العالي و السافل،فان السافل يتقوى بالعالي، لأن كلاالشرطين- من وحدة الماء البالغ كرا، و عدممنافاة الارتكاز- محقق. اما الأول فلماتقدم من ان اختلاف السطوح لا يضر بالوحدة ولو مع الجريان، و أما الثاني فلان السافلصالح للاستمداد من العالي، فلا تنطبق عليهالنكتة الارتكازية، التي أوجبت عدم تقويالعالي بالسافل و خروجه عن دليل الاعتصام،فيحكم باعتصامه عملا بإطلاق دليلالاعتصام.
و على هذا الأساس، اتضح ان مقتضى القاعدةالمستفادة من دليل