فليس المقصود في المقام جعل نفس الاختلافبين الروايات في تقدير النزح قرينة علىحمل الجميع على الاستحباب، لتتجه الدعوىالمذكورة، بل المقصود ان تعين حمل أكثرتلك الروايات على الاستحباب و النجاسةالتنزيهية، شاهد على عرفية الجمع المذكوربين الطائفتين.
و منها: انه قد يتفق أن يكون شخص واحدراويا لروايتين من كلتا الطائفتين، كابنبزيع، الذي كتب يسأل الرضا (عليه السلام)عن المطهر لماء البئر في الرواية المتقدمةمن روايات الانفعال، الأمر الذي دل علىالمفروغية عن النجاسة في ذهنه. و كتب الىالامام الرضا (عليه السلام) نفسه يسأله عنماء البئر فأجاب أنه واسع لا يفسده شيء،الأمر الذي دل على عدم المفروغية عنالنجاسة في ذهنه. فان حملنا النجاسة فيرواية الانفعال على المرتبة التنزيهية لميكن هناك استغراب في صدور السؤالين معا منابن بزيع، بان يكون قد سأل عن الحكماللزومي فأجيب بالاعتصام، ثم سأل عنالمطهر بلحاظ المرتبة التنزيهية. و أماإذا لم نلتزم بهذا الحمل، و فرضنا النظر فيكلتا الروايتين إلى المرتبة اللزومية منالنجاسة، فيشكل تصور صدور السؤالين من ابنبزيع، لأن السؤال الذي أجيب بالاعتصام إذاكان هو الأول، فكيف يظهر من سؤاله الثانيالمفروغية عن النجاسة؟!، و إذا كان السؤالعن المطهر هو الأول، فهذا يعنى مفروغيتهعن انفعال ماء البئر فكيف يسأل عنه؟!. إلاان يفرض تجدد جهة في الأثناء توجب الشك منجديد.
و منها: عدم تعرض روايات النزح أصلا لحالالماء الذي ينزح، فلم يؤمر في شيء منهابإراقته و وجوب اجتنابه، كما هو الحال فيالروايات الواردة في انفعال الماء القليل.و هذا قد يكون اعتمادا على ظهور النزحنفسه، في ان المقصود به إفراز الماءالفاسد، الدال بالالتزام على لزوم إراقته.و قد يكون ذلك لأجل ان تمام النظر إلى نفسالنزح، باعتباره