ثم بين سبحانه حال المطيعين فقال «وَ مَنْيُطِعِ اللَّهَ» بالانقياد لأمره و نهيه«وَ الرَّسُولَ» باتباع شريعته و الرضابحكمه «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» في الجنةثم بين المنعم عليهم فقال «مِنَالنَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ» يريدأنه يستمتع برؤية النبيين و الصديقين وزيارتهم و الحضور معهم فلا ينبغي أن يتوهممن أجل أنهم في أعلى عليين أنه لا يراهم وقيل في معنى الصديق أنه المصدق بكل ما أمرالله به و بأنبيائه لا يدخله في ذلك شك ويؤيده قوله وَ الَّذِينَ آمَنُوابِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُالصِّدِّيقُونَ «وَ الشُّهَداءِ» يعنيالمقتولين في الجهاد و إنما سمي الشهيدشهيدا لقيامه بشهادة الحق على جهة الإخلاصو إقراره به و دعائه إليه حتى قتل و قيلإنما سمي شهيدا لأنه من شهداء الآخرة علىالناس و إنما يستشهدهم الله بفضلهم وشرفهم فهم عدول الآخرة عن الجبائي و قالالشيخ أبو جعفر (رض) هذا لا يصح على مذهبهفعنده لا يجوز أن يدخل الجنة إلا من هو عدلو الله سبحانه و تقدس وعد من يطيعه بأنهيحشره مع هؤلاء و ينبغي أن يكون الموعود لهغير الموعود بالكون معه إلا فيصير التقديرأنهم مع نفوسهم «وَ الصَّالِحِينَ» معناهصلحاء المؤمنين الذين لم تبلغ درجتهم درجةالنبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحالفاعل للصلاح الملازم له المتمسك به ويقال هو الذي صلحت حاله و استقامت طريقته والمصلح الفاعل لما فيه إصلاح و لذلك يجوزالمصلح في صفات الله تعالى و لا يجوزالصالح و إنما يقال رجل صالح أو مصلح لأنهيصلح نفسه و عمله «وَ حَسُنَ أُولئِكَرَفِيقاً» معناه من يكون هؤلاء رفقاء لهفأحسن بهم من رفيق أو فما أحسنهم من رفيق وقد مر معناه و إعرابه و روى أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) أنه قاليا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه ثمتلا هذه الآية و قال فالنبي رسول الله (ص) ونحن الصديقون و الشهداء و أنتم الصالحونفتسموا بالصلاح كما سماكم الله تعالى «ذلِكَ» إشارة إلى أن الكون مع النبيين والصديقين «الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ» تفضلبه على من أطاعه «وَ كَفى بِاللَّهِعَلِيماً» بالعصاة و المطيعين والمنافقين و المخلصين و من يصلح لمرافقة