قال الكلبي نزلت في عبد الرحمن بن عوفالزهري و المقداد بن الأسود الكندي وقدامة بن مظعون الجمحي و سعد بن أبي وقاصكانوا يلقون من المشركين أذى شديدا و همبمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فيشكونإلى رسول الله (ص) و يقولون يا رسول اللهائذن لنا في قتال هؤلاء فإنهم قد آذونافلما أمروا بالقتال و بالمسير إلى بدر شقعلى بعضهم فنزلت هذه الآية.
المعنى
ثم عاد سبحانه إلى ذكر القتال و من كرههفقال «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَلَهُمْ» و هم بمكة «كُفُّواأَيْدِيَكُمْ» أي أمسكوا عن قتال الكفارفإني لم أومر بقتالهم «وَ أَقِيمُواالصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّاكُتِبَ» أي فرض «عَلَيْهِمُ الْقِتالُ» وهم بالمدينة «إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ» أيجماعة منهم «يَخْشَوْنَ النَّاسَكَخَشْيَةِ اللَّهِ» أي يخافون القتل منالناس كما يخافون الموت من الله و قيليخافون الناس أن يقتلوهم كما يخافون اللهأن يتوفاهم و قيل يخافون عقوبة الناسبالقتل كما يخافون عقوبة الله «أَوْأَشَدَّ خَشْيَةً» قيل إن أو هنا بمعنىالواو أي أشد خشية و قيل إن أو هنا لإيهامالأمر على المخاطب و قد ذكرنا الوجوه فيمثل هذا عند ذكر قوله سبحانه أَوْ أَشَدُّقَسْوَةً في سورة البقرة «وَ قالُوارَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَاالْقِتالَ» قال الحسن لم يقولوا ذلككراهية لأمر الله و لكن لدخول الخوف عليهمبذلك على ما يكون من طبع البشر و يحتمل أنيكونوا قالوا ذلك استفهاما لا إنكارا وقال إنما قالوا ذلك لأنهم ركنوا إلىالدنيا و آثروا نعيمها و على الأقوال كلهافلو لم يقولوا ذلك لكان خيرا لهم «لَوْ لاأَخَّرْتَنا» أي هلا أخرتنا «إِلىأَجَلٍ قَرِيبٍ» و هو إلى أن نموت و علىألا نموت بآجالنا ثم أعلم الله تعالى أنالدنيا بما فيها من وجوه المنافع قليلفقال «قُلْ» يا محمد لهؤلاء «مَتاعُالدُّنْيا» أي ما يستمتع به من منافعالدنيا «قَلِيلٌ» لا يبقى «وَ الْآخِرَةُخَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَفَتِيلًا» أي و لا تبخسون هذا القدر فكيفما زاد عليه و الفتيل ما تفتله بيدك منالوسخ ثم تلقيه عن ابن عباس و قيل و ما فيشق النواة لأنه كالخيط المفتول.