«حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» في موضع نصب علىالحال و قد مضمرة معه لأن الفعل الماضي لايكون حالا حتى يكون معه قد إما مضمرة أومظهرة فإن قد تقرب الماضي من الحالفتقديره جاءوكم قد حصرت صدورهم كما قالواجاء فلان ذهب عقله أي قد ذهب عقله و يجوز أنيكون «حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» منصوبالموضع بأنه صفة لموصوف هو حال على تقديرجاءوكم قوم حصرت صدورهم فحذف الموصوفالمنصوب على الحال و أقيم صفته مقامه وإنما جاز أن يكون هذا حالا لأنه بمنزلةقولك أو جاءوكم موصوفين بحصر الصدور أومعروفين بذلك.
المعنى
لما أمر تعالى المؤمنين بقتال الذين لايهاجرون عن بلاد الشرك و إن لم يوالوهماستثنى من جملتهم فقال «إِلَّا الَّذِينَيَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ» معناه إلا من وصل منهؤلاء إلى قوم بينكم و بينهم موادعة و عهدفدخلوا فيهم بالحلف أو الجوار فحكمهم حكمأولئك في حقن دمائهم و اختلف في هؤلاءفالمروي عن أبي جعفر (ع) أنه قال المراد بقولهتعالى «قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْمِيثاقٌ» هو هلال بن عويمر السلمي واثق عنقومه رسول الله فقال في موادعته على أن لاتحيف يا محمد من أتانا و لا نحيف من أتاك فنهى الله أن يتعرض لأحد عهد إليهم و بهقال السدي و ابن زيد و قيل هم بنو مدلج وكان سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي جاء إلىالنبي بعد أحد فقال أنشدك الله و النعمة وأخذ منه ميثاقا أن لا يغزو قومه فإن أسلمقريش أسلموا لأنهم كانوا في عقد قريش فحكمالله فيهم ما حكم في قريش ففيهم نزل هذاذكره عمر بن شيبة ثم استثنى لهم حالة أخرىفقال «أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْصُدُورُهُمْ» أي ضاقت قلوبهم من «أَنْيُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُواقَوْمَهُمْ» يعني من قتالكم و قتال قومهمفلا عليكم و لا عليهم و إنما عنى به أشجع فإنهم قدموا المدينة فيسبعمائة يقودهم مسعود بن دخبلة فأخرجإليهم النبي أحمال التمر ضيافة و قال نعمالشيء الهدية أمام الحاجة و قال لهم ماجاء بكم قالوا لقرب دارنا منك و كرهنا حربكو حرب قومنا يعنون بني مضمرة الذين بينهم وبينهم عهد لقلتنا فيهم فجئنا لنوادعك فقبلالنبي ذلك منهم و وادعهم فرجعوا إلىبلادهم ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره فأمر الله تعالى المسلمين أن لا