ثم ابتدأ تعالى ببيان صلاة الخوف في جماعةفقال «وَ إِذا كُنْتَ» يا محمد «فِيهِمْ»يعني في أصحابك الضاربين في الأرضالخائفين عدوهم أن يغزوهم «فَأَقَمْتَلَهُمُ الصَّلاةَ» بحدودها و ركوعها وسجودها عن الحسن و قيل معناه أقمت لهمالصلاة بأن تؤمهم «فَلْتَقُمْ طائِفَةٌمِنْهُمْ» أي من أصحابك الذين أنت فيهم«مَعَكَ» في صلاتك و ليكن سائرهم في وجهالعدو و تقديره و لتقم طائفة منهم تجاهالعدو و لم يذكر ما ينبغي أن تفعله الطائفةغير المصلية لدلالة الكلام عليه «وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ» اختلف فيهذا فقيل المأمور بأخذ السلاح الطائفةالمصلية مع رسول الله يأخذون من السلاحمثل السيف يتقلدون به و الخنجر يشدونه إلىدروعهم و كذلك السكين و نحو ذلك و هوالصحيح و قيل هم الطائفة التي بإزاء العدودون المصلية عن ابن عباس «فَإِذاسَجَدُوا» يعني الطائفة التي تصلي معه وفرغوا من سجودهم «فَلْيَكُونُوا مِنْوَرائِكُمْ» يعني فليصيروا بعد فراغهم منسجودهم مصافين للعدو و اختلف في الطائفةالأولى إذا رفعت رءوسهم من السجود و فرغتمن الركعة كيف يصنعون فعندنا أنهم يصلونركعة أخرى و يتشهدون و يسلمون و الإمامقائم في الثانية ثم ينصرفون إلى مواقفأصحابهم و يجيء الآخرون فيستفتحونالصلاة و يصلي بهم الإمام الركعة الثانيةحسب و يطيل تشهده حتى يقوموا فيصلوا بقيةصلاتهم ثم يسلم بهم الإمام فيكون للطائفةالأولى تكبيرة الافتتاح و للثانيةالتسليم و هو مذهب الشافعي أيضا و قيل إنالطائفة الأولى إذا فرغت من ركعة يسلمون ويمضون إلى وجه العدو و تأتي الطائفةالأخرى و يصلي بهم ركعة و هو مذهب مجاهد وجابر و من يرى أن صلاة الخوف ركعة واحدة وقيل إن الإمام يصلي بكل طائفة ركعتينفيصلي بهم مرتين بكل طائفة مرة عن الحسن وقيل إنه إذا صلى بالطائفة الأولى ركعةمضوا إلى وجه العدو و تأتي الطائفة الأخرىفيكبرون و يصلي بهم الركعة الثانية و يسلمالإمام و يعودون إلى وجه العدو و تأتيالطائفة الأولى فيقضون ركعة بغير قراءةلأنهم لاحقون و يسلمون و يرجعون إلى وجهالعدو و تأتي الطائفة الثانية فيقضون ركعةبغير قراءة لأنهم مسبوقون عن عبد الله بنمسعود و هو مذهب أبي حنيفة «وَ لْتَأْتِطائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا» و همالذين كانوا بإزاء العدو «فَلْيُصَلُّوامَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ» يعني و ليكونوا حذرين منعدوهم متأهبين لقتالهم بأخذ الأسلحة أيآلات