لما ذكر في الآية المتقدمة أهل الشرك وضلالهم ذكر في هذه الآية حالهم و فعالهمفقال «إِنْ يَدْعُونَ» أي ما يدعون هؤلاءالمشركون و ما يعبدون «مِنْ دُونِهِ» أيمن دون الله «إِلَّا إِناثاً» فيه أقوال(أحدها) إلا أوثانا و كانوا يسمون الأوثانباسم الإناث اللات و العزى و مناة الثالثةالأخرى و إساف و نائلة عن أبي مالك و السديو مجاهد و ابن زيد و ذكر أبو حمزة الثماليفي تفسيره قال كان في كل واحدة منهن شيطانةأنثى تتراءى للسدنة و تكلمهم و ذلك من صنعإبليس و هو الشيطان الذي ذكره الله فقال«لَعَنَهُ اللَّهُ» قالوا و اللات كاناسما لصخرة و العزى كان اسما لشجرة إلاأنهم نقلوهما إلى الوثن و جعلوهما علماعليهما و قيل العزى تأنيث الأعز و اللاتتأنيث لفظ الله و قال الحسن كان لكل حي منالعرب وثن يسمونه باسم العز تأنيث الأعز واللات تأنيث لفظ الله و قال الحسن كان لكلحي من العرب وثن يسمونه باسم الأنثى (وثانيها) أن المعنى إلا مواتا عن ابن عباس والحسن و قتادة فعلى هذا يكون تقديره مايعبدون من دون الله إلا جمادا و مواتا لاتعقل و لا تنطق و لا تضر و لا تنفع فدل ذلكعلى غاية جهلهم و ضلالهم و سماها إناثالاعتقاد مشركي العرب الأنوثة في كل مااتضعت منزلته و لأن الإناث من كل جنس أرذلهو قال الزجاج لأن الموات يخبر عنها بلفظالتأنيث تقول الأحجار تعجبني و لا تقوليعجبونني و يجوز أن يكون إناثا سماهالضعفها و قلة خيرها و عدم نصرها (و ثالثها)أن المعنى إلا ملائكة لأنهم كانوا يزعمونأن الملائكة بنات الله و كانوا يعبدونالملائكة عن الضحاك «وَ إِنْ يَدْعُونَإِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً» أي مارداشديدا في كفره و عصيانه متماديا في شركه وطغيانه يسأل عن هذا فيقال كيف نفى في أولالكلام عبادتهم لغير الأوثان ثم أثبت فيآخره عبادتهم الشيطان فأثبت في الآخر مانفاه في الأول أجاب الحسن عن هذا فقال أنهملم يعبدوا إلا الشيطان في الحقيقة لأنالأوثان كانت مواتا ما دعت أحدا إلىعبادتها بل الداعي إلى عبادتها الشيطانفأضيفت العبادة إلى الشيطان بحكم الدعاء وإلى الأوثان لأجل أنهم كانوا يعبدونها ويدل عليه قوله