لما ذكر سبحانه الوعد و الوعيد قال عقيبذلك «لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ» معناه ليسالثواب و العقاب بأمانيكم أيها المسلمونعن مسروق و السدي و قيل الخطاب لأهل الشركمن قريش لأنهم قالوا لا نبعث و لا نعذب عنمجاهد و ابن زيد «وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِالْكِتابِ» أي و لا بأماني أهل الكتاب فيأنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا أونصارى و هذا يقوي القول الأخير على أنه لميجر للمسلمين ذكر في الأماني و ذكر أمانيالكفار قد جرى في قوله وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ هذا و قد وعد اللهالمؤمنين فيما بعد بما هو غاية الأماني«مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ»اختلف في تأويله على أقوال (أحدها) أنهيريد بذلك جميع المعاصي صغائرها و كبائرهاو إن من ارتكب شيئا منها فإن الله سبحانهيجازيه عليها إما في الدنيا و إما فيالآخرة عن عائشة و قتادة و مجاهد و روي عن أبي هريرة أنه قال لما نزلت هذهالآية بكينا و حزنا و قلنا يا رسول الله ماأبقت هذه الآية من شيء فقال أما و الذينفسي بيده إنها لكما أنزلت و لكن أبشروا وقاربوا و سددوا أنه لا تصيب أحدا منكممصيبة إلا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكةيشاكها أحدكم في قدمه رواه الواحدي فيتفسيره مرفوعا و قال القاضي أبو عاصم القارئ العامري فيهذا قطع لتوهم من توهم أن المعصية لا تضرمع الإيمان كما أن الطاعة لا تنفع معالكفر. (و ثانيها) أن المراد به مشركو قريشو أهل الكتاب عن الحسن و الضحاك و ابن زيدقالوا و هو كقوله وَ هَلْ نُجازِي إِلَّاالْكَفُورَ (و ثالثها) أن المراد بالسوءهنا الشرك عن ابن عباس و سعيد بن جبير «وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِوَلِيًّا وَ لا نَصِيراً» معناه و لا يجدهذا الذي يعمل سوءا من معاصي الله و خلافأمره وليا يلي أمره ينصره و يحامي عنه ويدفع عنه ما ينزل به من عقوبة الله و لانصيرا أي ناصرا ينصره و ينجيه من عذاب اللهو من استدل بهذه الآية على المنع من جوازالعفو عن المعاصي فإنا نقول له إن من ذهبإلى أن العموم لا ينفرد في اللغة بصيغةمختصة به لا يسلم أنها تستغرق جميع من فعلالسوء بل يجوز أن يكون المراد بها بعضهمعلى ما ذكره أهل التأويل كابن عباس و غيرهعلى أنهم قد اتفقوا على أن الآية مخصوصةفإن التائب و من كانت معصيته صغيرة لايتناوله العموم فإذا جاز لهم أن يخصصواالعموم في الآية بالفريقين جاز لنا أننخصها بمن يتفضل الله عليه بالعفو و هذابين و الحمد لله و قوله سبحانه «وَ مَنْيَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍأَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ» و إنماقال «وَ هُوَ مُؤْمِنٌ» ليبين أن الطاعةلا تنفع من دون الإيمان «فَأُولئِكَيَدْخُلُونَ