و أصل العزة الشدة و منه قيل للأرض الصلبةالشديدة عزاز و منه قيل عز علي أن يكون كذاأي شد علي و عز الشيء إذا صعب وجوده واشتد حصوله و اعتز فلان بفلان إذا اشتدظهره به و العزيز القوي المنيع بخلافالذليل.
المعنى
ثم قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواثُمَّ كَفَرُوا» قيل في معناه أقوال(أحدها) أنه عنى به الذين آمنوا بموسى ثمكفروا بعبادة العجل و غير ذلك «ثُمَّآمَنُوا» يعني النصارى بعيسى «ثُمَّكَفَرُوا» به «ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً»بمحمد (ص) عن قتادة (و ثانيها) أنه عنى بهالذين آمنوا بموسى ثم كفروا بعد موسى ثمآمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادواكفرا بمحمد (ص) عن الزجاج و الفراء (وثالثها) أنه عنى به طائفة من أهل الكتابأرادوا تشكيك نفر من أصحاب رسول اللهفكانوا يظهرون الإيمان بحضرتهم ثم يقولونقد عرضت لنا شبهة أخرى فيكفرون ثم ازدادواكفرا بالثبات عليه إلى الموت عن الحسن وذلك معنى قوله تعالى «وَ قالَتْ طائِفَةٌمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِيأُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَالنَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (و رابعها) أنالمراد به المنافقون آمنوا ثم ارتدوا ثمآمنوا ثم ارتدوا ثم ماتوا على كفرهم عنمجاهد و ابن زيد و قال ابن عباس دخل في هذهالآية كل منافق كان في عهد النبي في البحرو البر «لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَلَهُمْ» بإظهارهم الإيمان فلو كانتبواطنهم كظواهرهم في الإيمان لما كفروافيما بعد «وَ لا لِيَهْدِيَهُمْسَبِيلًا» معناه و لا يهديهم إلى سبيلالجنة كما قال فيما بعد وَ لالِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَجَهَنَّمَ و يجوز أن يكون المعنى أنهيخذلهم و لا يلطف بهم عقوبة لهم على كفرهمالمتقدم ثم قال «بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ»أي أخبرهم يا محمد «بِأَنَّ لَهُمْ» فيالآخرة «عَذاباً أَلِيماً» أي وجيعا إنماتوا على كفرهم و نفاقهم و في هذه الآيةدلالة على أن الآية المتقدمة نزلت في شأنالمنافقين و أنه الأصح من الأقوالالمذكورة ثم وصف هؤلاء المنافقين فقال«الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ»أي مشركي العرب و قيل اليهود «أَوْلِياءَ»أي ناصرين و معينين و أخلاء «مِنْ دُونِالْمُؤْمِنِينَ» أي من غيرهم «أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ» أي أيطلبون عندهم القوة و المنعة باتخاذهمهؤلاء أولياء من دون الإيمان بالله تعالىثم أخبر سبحانه أن العزة و المنعة له فقال«فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً»يريد سبحانه أنهم لو آمنوا