ما في قوله «فَبِما نَقْضِهِمْ» لغو أيفبنقضهم و معناه التوكيد أي فبنقضهمميثاقهم حقا و الجالب للباء في فبنقضهم والعامل فيه قيل أنه محذوف أي لعناهم و قيلالعامل فيه قوله «حَرَّمْنا عَلَيْهِمْطَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ» و قوله«فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ» بدل من قوله(فبنقضهم) عن الزجاج و على هذا فقوله «بَلْطَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ»إلى آخر الآية اعتراض و كذلك قوله «وَ ماقَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ» إلى قوله«شَهِيداً» و قوله «عِيسَى ابْنَمَرْيَمَ» عطف بيان ركب مع ابن و جعل كاسمواحد لوقوع ابن بين علمين مع كونه صفة والصفة ربما ركبت مع الموصوف فجعلا كاسمواحد نحو لا رجل ظريف في الدار و رسول اللهصفة للمسيح أو بدل منه و «اتِّباعَالظَّنِّ» منصوب على الاستثناء و هواستثناء منقطع و ليس من الأول فالمعنى مالهم به من علم لكنهم يتبعون الظن.
المعنى
ثم ذكر سبحانه أفعالهم القبيحة و مجازاتهإياهم بها فقال «فَبِما نَقْضِهِمْ» أيفبنقض هؤلاء الذين تقدم ذكرهم و وصفهم«مِيثاقَهُمْ» أي عهودهم التي عاهدواالله عليها أن يعملوا بها في التوراة «وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ» أي جحودهمبأعلام الله و حججه و أدلته التي احتج بهاعليهم في صدق أنبيائه و رسله «وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ» بعد قيامالحجة عليهم بصدقهم «بِغَيْرِ حَقٍّ» أيبغير استحقاق منهم لذلك بكبيرة أتوها أوخطيئة استوجبوا بها القتل و قد قدمناالقول في أمثال هذا و إنه إنما يذكر علىسبيل التوكيد فإن قتل الأنبياء لا يمكنإلا أن يكون بغير حق و هو مثل قوله وَ مَنْيَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لابُرْهانَ لَهُ بِهِ و المعنى أن ذلك لايكون البتة عليه برهان «وَ قَوْلِهِمْقُلُوبُنا غُلْفٌ» مضى تفسيره في سورةالبقرة «بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهابِكُفْرِهِمْ» قد شرحنا معنى الختم والطبع عند قوله «خَتَمَ اللَّهُ عَلىقُلُوبِهِمْ» «فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّاقَلِيلًا» أي لا يصدقون قوله إلا تصديقاقليلا و إنما وصفه بالقلة لأنهم لم يصدقوابجميع ما كان يجب عليهم التصديق به و يجوزأن يكون الاستثناء من الذين نفي عنهمالإيمان فيكون المعنى إلا جمعا قليلافكأنه سبحانه علم أنه يؤمن من جملتهمجماعة قليلة فيما بعد فاستثناهم من جملةمن أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون و به قالجماعة من المفسرين