مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
شاهِدِينَ يعني حكم داود و سليمان و قالقتادة إنما تحجب الأخوة الأم مع أنهم لايرثون من المال شيئا معونة للأب لأن الأبيقوم بنفقتهم و نكاحهم دون الأم و هذا يدلعلى أنه ذهب إلى أن الأخوة للأم لا يحجبونعلى ما ذهب إليه أصحابنا لأن الأب لا يلزمهنفقتهم بلا خلاف «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍيُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ» أي تقسم التركةعلى ما ذكرنا بعد قضاء الديون و إقرارالوصية و لا خلاف في أن الدين مقدم علىالوصية و الميراث و إن أحاط بالمال فأماالوصية فقد قيل إنها مقدمة على الميراث وقيل بل الموصى له شريك الوارث له الثلث ولهم الثلثان و قد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال إنكمتقرأون في هذه الآية الوصية قبل الدين و إنرسول الله (ص) قضى بالدين قبل الوصية و الوجه في تقديم الدين على الوصية فيالآية إن لفظ أو إنما هو لأحد الشيئين أوالأشياء و لا يوجب الترتيب فكأنه قال منبعد أحد هذين مفردا أو مضموما إلى الآخر وهذا كقولهم جالس الحسن أو ابن سيرين أيجالس أحدهما مفردا أو مضموما إلى الآخر«آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَأَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً» ذكرفيه وجوه (أحدها) إن معناه لا تدرون أيهؤلاء أنفع لكم في الدنيا فتعطونه منالميراث ما يستحق و لكن الله قد فرضالفرائض على ما هو عنده حكمة عن مجاهد (وثانيها) إن معناه لا تدرون بأيهم أنتم أسعدفي الدنيا و الدين و الله يعلمه فاقتسموهعلى ما بينه من المصلحة فيه عن الحسن (وثالثها) إن معناه لا تدرون أن نفعكم بتربيةآبائكم لكم أكثر أم نفع آبائكم بخدمتكمإياهم و إنفاقكم عليهم عند كبرهم عنالجبائي (و رابعها) أن المعنى أطوعكم للهعز و جل من الآباء و الأبناء أرفعكم درجةيوم القيامة لأن الله يشفع المؤمنينببعضهم في بعض فإن كان الوالد أرفع درجة فيالجنة من ولده رفع الله إليه ولده في درجتهلتقر بذلك عينه و إن كان الولد أرفع درجةمن والديه رفع الله والديه إلى درجته لتقربذلك أعينهم عن ابن عباس (و خامسها) إنالمراد لا تدرون أي الوارثين و الموروثينأسرع موتا فيرثه صاحبه فلا تتمنوا موتالموروث و لا تستعجلوه عن أبي مسلم«فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ» أي فرض الله ذلكفريضة أو كما ذكرنا في الإعراب «إِنَّاللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً» أي لميزل عليما بمصالحكم حكيما فيما يحكم بهعليكم من هذه الأموال و غيرها قال الزجاجفي كان هنا ثلاثة أقوال قال سيبويه كانالقوم شاهدوا علما و حكمة و مغفرة و تفضلافقيل لهم أن الله كان كذلك على ما شاهدتم وقال الحسن كان عليما بالأشياء قبل خلقهاحكيما فيما يقدر تدبيره منها و قال بعضهمالخبر من الله في هذه الأشياء بالمضيكالخبر بالاستقبال و الحال لأن الأشياءعند الله في حال واحدة ما مضى و ما يكون وما هو كائن.