مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
صَغَتْ قُلُوبُكُما و دلت قراءة عبد اللهبن مسعود على أن المراد بالأيدي الأيمانقال العلماء أن هذه الآية مجملة في إيجابالقطع على السارق و بيان ذلك مأخوذ منالسنة و اختلف في القدر الذي يقطع به يدالسارق فقال أصحابنا يقطع في ربع دينارفصاعدا و هو مذهب الشافعي و الأوزاعي و أبيثور و رووا عن عائشة عن النبي أنه قال لا تقطعيد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا و ذهب أبو حنيفة و أصحابه أنه يقطع في عشرةدراهم فصاعدا و احتجوا بما روي عن عطا عنابن عباس أن أدنى ما يقطع فيه ثمن المجنقال و كان ثمن المجن على عهد رسول اللهعشرة دراهم و ذهب مالك أنه يقطع في ثلاثةدراهم فصاعدا و روي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص)قطع سارقا في ثمنه مجن ثلاثة دراهم و قال بعضهم لا تقطع الخمس إلا في خمسةدراهم و اختاره أبو علي الجبائي و قال لأنهبمنزلة من منع خمسة دراهم من الزكاة في أنهفاسق و قال بعضهم تقطع يد السارق في القليلو الكثير و إليه ذهب الخوارج و احتجوابعموم الآية و بما روي عن النبي أنه قال لعن الله السارقيسرق البيضة فتقطع يده و يسرق الحبل فتقطعيده و هذا الخبر قد طعن أصحاب الحديث في سنده وذكر أيضا في تأويله أن المراد بالبيضةبيضة الحديد التي تغفر الرأس في الحرب وبالحبل حبل السفينة و اختلف أيضا في كيفيةالقطع فقال أكثر الفقهاء أنه إنما يقطع منالرسغ و هو المفصل بين الكف و الساعد ثم أنعند الشافعي تقطع يده اليمني في المرةالأولى و رجله اليسرى في المرة الثانية ويده اليسرى في المرة الثالثة و رجلهاليمني في المرة الرابعة و يحبس في المرةالخامسة و عند أبي حنيفة لا تقطع فيالثالثة و قال أصحابنا أنه تقطع من أصول الأصابع وتترك له الإبهام و الكف و في المرة الثانيةتقطع رجله اليسرى من أصل الساق و يترك عقبهيعتمد عليها في الصلاة فإن سرق بعد ذلك خلدفي السجن و هو المشهور عن علي و أجمعت الطائفة عليه و قد استدل على ذلكأيضا بقوله «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَيَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ» ولا شك في أنهم إنما يكتبونه بالأصابع و لاخلاف أن السارق إنما يجب عليه القطع إذاسرق من حرز إلا ما روي عن داود أنه قال يقطعالسارق و إن سرق من غير حرز و الحرز في كلشيء إنما يعتبر فيه حرز مثله في العادة وحده عندنا كل موضع لم يكن لغير مالكهالدخول إليه و التصرف فيه إلا بإذنه«جَزاءً بِما كَسَبا» أي افعلوا ذلك بهامجازاة بكسبهما و فعلهما «نَكالًا مِنَاللَّهِ» أي عقوبة على ما فعلاه قال زهير: