لما فرض الله فرائض المواريث عقبها بذكرالوعد في الائتمار لها و الوعيد علىالتعدي لحدودها فقال «تِلْكَ حُدُودُاللَّهِ» أي هذه التي بينت في أمر الفرائضو أمر اليتامى حدود الله أي الأمكنة التيلا ينبغي أن تتجاوز عن الزجاج و اختلف فيمعنى الحدود على أقوال (أحدها) تلك شروطالله عن السدي (و ثانيها) تلك طاعة الله عنابن عباس (و ثالثها) تلك تفصيلات اللهلفرائضه و هو الأقوى فيكون المراد هذهالقسمة التي قسمها الله لكم و الفرائضالتي فرضها الله لأحيائكم من أمواتكم فصولبين طاعة الله و معصيته فإن معنى حدود اللهحدود طاعة الله و إنما اختصر لوضوح معناهللمخاطبين «وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فيما أمر به من الأحكام و قيلفيما فرض له من فرائض المواريث«يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْتَحْتِهَا» أي من تحت أشجارها و أبنيتها«الْأَنْهارُ» أي ماء الأنهار حذف المضافو أقيم المضاف إليه مقامه في الموضعين«خالِدِينَ فِيها» أي دائمين فيها «وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» أي الفلاحالعظيم وصفه بالعظيم و لم يبين بالإضافةإلى ما ذا و المراد أنه عظيم بالإضافة إلىمنفعة الحيازة في التركة من حيث كان أمرالدنيا حقيرا بالإضافة إلى أمر الآخرة وإنما خص الله الطاعة في قسمة الميراثبالوعد مع أنه واجب في كل طاعة إذا فعلتلوجوبها أو لوجه وجوبها ليبين عن عظم موقعهذه الطاعة بالترغيب فيها و الترهيب عنتجاوزها و تعديها «وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَوَ رَسُولَهُ» فيما بينه من الفرائض وغيرها «وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ» أي ويتجاوز ما حد له من الطاعات «يُدْخِلْهُناراً خالِداً» أي دائما «فِيها وَ لَهُعَذابٌ مُهِينٌ» سماه مهينا لأن اللهيفعله على وجه الإهانة كما أنه يثيبالمؤمن على وجه الكرامة و من استدل بهذهالآية على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاةمخلد في النار و معاقب فيها لا محالة فقولهبعيد لأن قوله «وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ»يدل على أن المراد به من تعدى جميع حدودالله و هذه صفة الكفار و لأن صاحب الصغيرةبلا خلاف خارج عن عموم الآية و إن كانفاعلا للمعصية و متعديا حدا من حدود الله وإذا جاز إخراجه بدليل جاز لغيره أن يخرج منعمومها من يشفع له النبي أو يتفضل اللهعليه بالعفو