الذل بكسر الذال ضد الصعوبة و بضمها ضدالعز يقال ذلول بين الذل من قوم أذلة وذليل بين الذل من قوم أذلاء و الأول مناللين و الانقياد و الثاني من الهوان والاستخفاف و العزة الشدة يقال عززت فلاناعلى أمره أي غلبته عليه و العزاز الأرضالصلبة و عز يعز الشيء إذا لم يقدر عليه وأصل الباب الامتناع.
المعنى
لما بين تعالى حال المنافقين و أنهميتربصون الدوائر بالمؤمنين و علم أن قومامنهم يرتدون بعد وفاته أعلم أن ذلك كائن وإنهم لا ينالون أمانيهم و الله ينصر دينهبقوم لهم صفات مخصوصة تميزوا بها من بينالعالمين فقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْدِينِهِ» أي من يرجع منكم أي من جملتكم إلىالكفر بعد إظهار الإيمان فلن يضر دين اللهشيئا فإن الله لا يخلي دينه من أنصاريحمونه «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُبِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ»أي يحبهم الله و يحبون الله «أَذِلَّةٍعَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَىالْكافِرِينَ» أي رحماء على المؤمنينغلاظ شداد على الكافرين و هو من الذل الذيهو اللين لا من الذل الذي هو الهوان قالابن عباس تراهم للمؤمنين كالولد لوالده وكالعبد لسيده و هم في الغلظة على الكافرينكالسبع على فريسته «يُجاهِدُونَ فِيسَبِيلِ اللَّهِ» بالقتال لإعلاء كلمةالله و إعزاز دينه «وَ لا يَخافُونَلَوْمَةَ لائِمٍ» فيما يأتون من الجهاد والطاعات و اختلف فيمن وصف بهذه الأوصافمنهم فقيل هم أبو بكر و أصحابه الذينقاتلوا أهل الردة عن الحسن و قتادة والضحاك و قيل هم الأنصار عن السدي و قيل همأهل اليمن عن مجاهد قال قال رسول الله أتاكم أهل اليمن هم ألينقلوبا و أرق أفئدة الإيمان يماني و الحكمةيمانية و قال عياض بن غنم الأشعري لما نزلت هذهالآية أومأ رسول الله إلى أبي موسىالأشعري فقال هم قوم هذا و قيل أنهم الفرس و روي أن النبي (ص) سئل عن هذه الآية فضرببيده على عاتق سلمان فقال هذا و ذووه ثمقال لو كان الدين معلقا بالثريا لتناولهرجال من أبناء فارس و قيل هم أمير المؤمنين علي (ع) و أصحابهحين قاتل من قاتله من الناكثين و القاسطينو المارقين و روي ذلك عن عمار و حذيفة و ابنعباس و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبدالله (ع) و يؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذهالصفات المذكورة في الآية فقال فيه و قدندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الرايةإليه مرة بعد أخرى و هو يجبن الناس ويجبنونه لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسولهو يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لايرجع حتى يفتح الله على يده ثم أعطاها إياه فأما الوصف باللين