ثم بين تعالى من له الولاية على الخلق والقيام بأمورهم و تجب طاعته عليهم فقال«إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» أي الذي يتولى مصالحكم و يتحققتدبيركم هو الله تعالى و رسوله يفعله بأمرالله «وَ الَّذِينَ آمَنُوا» ثم وصف الذينآمنوا فقال «الَّذِينَ يُقِيمُونَالصَّلاةَ» بشرائطها «وَ يُؤْتُونَ» أي ويعطون «الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ» أيفي حال الركوع و هذه الآية من أوضح الدلائلعلى صحة إمامة علي بعد النبي بلا فصل والوجه فيه أنه إذا ثبت أن لفظة«وَلِيُّكُمُ» تفيد من هو أولى بتدبيرأموركم و يجب طاعته عليكم و ثبت أن المرادبـ «الَّذِينَ آمَنُوا» علي ثبت النص عليهبالإمامة و وضح و الذي يدل على الأول هوالرجوع إلى اللغة فمن تأملها علم أن القومنصوا على ذلك و قد ذكرنا قول أهل اللغة فيهقبل فلا وجه لإعادته ثم الذي يدل على أنهافي الآية تفيد ذلك دون غيره أن لفظة إنماعلى ما تقدم ذكره تقتضي التخصيص و نفيالحكم عمن عدا المذكور كما يقولون إنماالفصاحة للجاهلية يعنون نفي الفصاحة عنغيرهم و إذا تقرر هذا لم يجز حمل لفظةالولي على الموالاة في الدين و المحبةلأنه لا تخصيص في هذا المعنى لمؤمن دونمؤمن آخر و المؤمنون كلهم مشتركون في هذاالمعنى كما قال سبحانه «وَالْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُبَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» و إذا لميجز حمله على ذلك لم يبق إلا الوجه الآخر وهو التحقق بالأمور و ما يقتضي فرض الطاعةعلى الجمهور لأنه لا محتمل للفظه إلاالوجهان فإذا بطل أحدهما ثبت الآخر و الذييدل على أن المعني بـ «الَّذِينَ آمَنُوا»هو علي الرواية الواردة من طريق العامة والخاصة بنزول الآية فيه لما تصدق بخاتمهفي حال الركوع و قد تقدم ذكرها و أيضا فإنكل من قال أن المراد بلفظة ولي ما يرجع إلىفرض الطاعة و الإمامة ذهب إلى أنه هوالمقصود بالآية و المتفرد بمعناها و لاأحد من الأمة يذهب إلى أن هذه اللفظة تقتضيما ذكرناه و يذهب إلى أن المعني بها سواه وليس لأحد أن يقول أن لفظ «الَّذِينَآمَنُوا» لفظ جمع فلا يجوز أن يتوجه إليهعلى الانفراد و ذلك أن أهل اللغة قد يعبرونبلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التفخيم والتعظيم و ذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاجإلى الاستدلال عليه و ليس لهم أن يقولوا أنالمراد بقوله «وَ هُمْ راكِعُونَ» أن هذهشيمتهم و عادتهم و لا يكون حالا لإيتاءالزكاة و ذلك لأن قوله