ثم أخبر الله تعالى عن هؤلاء المنافقينبقوله «وَ إِذا جاؤُكُمْ» أيها المؤمنون«قالُوا آمَنَّا» أي صدقنا «وَ قَدْدَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَ هُمْ قَدْخَرَجُوا بِهِ» قيل فيه قولان (أحدهما)أنهم دخلوا به على النبي (ص) و خرجوا به منعنده أي دخلوا و خرجوا كافرين و الكفر معهمفي كلتا حالتيهم عن الحسن و قتادة (والثاني) أن معناه و قد دخلوا به في أحوالهمو خرجوا به إلى أحوال أخر كقولك هو يتقلبفي الكفر و يتصرف فيه و قوله و هم قد خرجوابه أكد الكلام بالضمير تعيينا إياهمبالكفر و تمييزا لهم من غيرهم بهذه الصفة«وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوايَكْتُمُونَ» معناه بما كانوا يكتمون مننفاقهم إذا أظهروا بألسنتهم ما أضمرواخلافه في قلوبهم ثم بين الله سبحانه أنهميضمون إلى نفاقهم خصالا أخر ذميمة فقال«وَ تَرى» يا محمد «كَثِيراً مِنْهُمْ»قيل المراد بالكثير رؤساؤهم و علماؤهم«يُسارِعُونَ» يبادرون «فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» قيل الإثم الكفر عن السدي والعدوان مجاوزة حدود الله و تعديها و قيلالإثم كل معصية و هو الأولى و العدوانالظلم أي يسارعون في ظلم الناس و في الجرمالذي يعود عليهم بالوبال و الخسران «وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ» أي الرشوة فيالحكم عن الحسن و سماها سحتا لأنه يؤدي إلىالاستئصال و يقال لأنها تذهب بالبركة منالمال قال أهل المعاني أكثر ما تستعملالمسارعة في الخير كقوله تعالى«يُسارِعُونَ» و فائدة لفظة المسارعة و إنكان لفظ العجلة أدل على الذم أنهم يعملونهكأنهم محقون فيه و لذلك قال ابن عباس فيتفسيره و إنهم يجترءون على الخطإ«لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» أيلبئس العمل عملهم «لَوْ لا يَنْهاهُمُ» أيهلا ينهاهم و الكناية في هم تعود إلىالكثير «الرَّبَّانِيُّونَ» أي العلماءبالدين الذين من قبل الرب على وجه تغيرالاسم كما قالوا روحاني بالنسبة إلى الروحو بحراني بالنسبة إلى البحر و قال الحسنالربانيون علماء أهل الإنجيل «وَالْأَحْبارُ» علماء أهل التوراة و قالغيره كلهم من اليهود لأنه يتصل بذكرهم«عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ» أي عنتحريفهم الكتاب و قيل عن كل ما