موضع «الَّذِينَ يَمُوتُونَ» جر بكونهعطفا على قوله «لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَالسُّوءَ» و تقديره و لا للذين يموتون.
المعنى
لما وصف تعالى نفسه بالتواب الرحيم بينعقيبه شرائط التوبة فقال «إِنَّمَاالتَّوْبَةُ» و لفظة «إِنَّمَا» يتضمنالنفي و الإثبات فمعناه لا توبة مقبولة«عَلَى اللَّهِ» أي عند الله إلا«لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَبِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْقَرِيبٍ» و اختلف في معنى قوله«بِجَهالَةٍ» على وجوه (أحدها) أن كل معصيةيفعلها العبد جهالة و إن كان على سبيلالعمد لأنه يدعو إليها الجهل و يزينهاللعبد عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و قتادة وهو المروي عن أبي عبد الله (ع) فإنه قال كل ذنبعمله العبد و إن كان عالما فهو جاهل حينخاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكى اللهتعالى قول يوسف لإخوته هَلْ عَلِمْتُمْ مافَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْأَنْتُمْ جاهِلُونَ فنسبهم إلى الجهللمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله (و ثانيها) إن معنى قوله «بِجَهالَةٍ»أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة كمايعلم الشيء ضرورة عن الفراء (و ثالثها) أنمعناه أنهم يجهلون أنها ذنوب و معاصفيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه و إمابأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عنالجبائي و ضعف الرماني هذا القول لأنهبخلاف ما أجمع عليه المفسرون و لأنه يوجبأن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأنقوله «إِنَّمَا التَّوْبَةُ» تفيد أنهالهؤلاء دون غيرهم و قال أبو العالية وقتادة أجمعت الصحابة على أن كل ذنب أصابهالعبد فهو جهالة و قال الزجاج إنما قالالجهالة لأنهم في اختيارهم اللذة الفانيةعلى اللذة الباقية جهال فهو جهل فيالاختيار و معنى «يَتُوبُونَ مِنْقَرِيبٍ» أي يتوبون قبل الموت لأن ما بينالإنسان و بين الموت قريب فالتوبة مقبولةقبل اليقين بالموت و قال الحسن و الضحاك وابن عمر القريب ما لم يعاين الموت و قالالسدي هو ما دام في الصحة قبل المرض والموت و روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قيل له فإنعاد و تاب مرارا قال يغفر الله له قيل إلىمتى