ثم ذكر تعالى معاداة اليهود للمسلمينفقال «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِعَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَوَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا» وصف اليهود والمشركين بأنهم أشد الناس عداوة للمؤمنينلأن اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنينمع أن المؤمنين يؤمنون بنبوة موسى والتوراة التي أتى بها فكان ينبغي أنيكونوا إلى من وافقهم في الإيمان بنبيهم وكتابهم أقرب و إنما فعلوا ذلك حسدا للنبي(ص) «وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْمَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَقالُوا إِنَّا نَصارى» يعني الذين قدمناذكرهم من النجاشي ملك الحبشة و أصحابه عنابن عباس و سعيد بن جبير و عطا و السدي والذين جاءوا مع جعفر مسلمين عن مجاهد«ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ» أي من النصارى«قِسِّيسِينَ» أي عبادا عن ابن زيد و قيلعلماء عن قطرب و قيل إن النصارى ضيعتالإنجيل و أدخلوا فيه ما ليس فيه و بقي منعلمائهم واحد على الحق و الاستقامة فهوقسيسا فمن كان على هداه و دينه فهو قسيس«وَ رُهْباناً» أي أصحاب الصوامع «وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ» معناه أنهؤلاء النصارى الذين آمنوا لا يستكبرون عناتباع الحق و الانقياد له كما استكبراليهود و عباد الأوثان و أنفوا عن قبولالحق أخبر الله تعالى في هذه الآية عنعداوة مجاوري النبي (ص) من اليهود و مودةالنجاشي و أصحابه الذين أسلموا معه منالحبشة لأن الهجرة كانت إلى المدينة و بهااليهود و إلى الحبشة و بها النجاشي وأصحابه ثم وصفهم فقال «وَ إِذا سَمِعُواما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ» من القرآن«تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَالدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَالْحَقِّ» أي لمعرفتهم بأن المتلو عليهمكلام الله و أنه حق «يَقُولُونَ رَبَّناآمَنَّا» أي صدقنا بأنه كلامك أنزلته علىنبيك «فَاكْتُبْنا» أي فاجعلنا بمنزلة منقد كتب و دون و قيل فاكتبنا في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ «مَعَ الشَّاهِدِينَ»أي مع محمد و أمته الذين يشهدون بالحق عنابن عباس و قيل مع الذين يشهدون بالإيمانعن الحسن و قيل مع الذين يشهدون بتصديقنبيك و كتابك عن الجبائي «وَ ما لَنا لانُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما جاءَنا مِنَالْحَقِّ» معناه لأي عذر لا نؤمن بالله وهذا جواب لمن قال لهم من قومهم تعنيفا لهملم آمنتم عن الزجاج و قيل أنهم قدروا فيأنفسهم كان سائلا سألهم عنه فأجابوا بذلكو الحق هو القرآن و الإسلام و وصفهبالمجيء مجازا كما يقال نزل و إنما نزلبه الملك فكذلك جاء به الملك و قيل إن جاءبمعنى حدث نحو قوله جاءَتْ سَكْرَةُالْمَوْتِ بِالْحَقِّ «وَ نَطْمَعُ» أينرجو و نأمل «أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا»يعني في الجنة لإيماننا بالحق فحذف لدلالةالكلام عليه «مَعَ الْقَوْمِالصَّالِحِينَ» المؤمنين من أمة محمد.