لما نهى الله فيما تقدم عن عادات أهلالجاهلية في أمر اليتامى و الأموال عقبهبالنهي عن الاستنان بسنتهم في النساء فقال«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» أي ياأيها المؤمنون «لا يَحِلُّ لَكُمْ» أي لايسعكم في دينكم «أَنْ تَرِثُواالنِّساءَ» أي نكاح النساء «كَرْهاً» أيعلى كره منهن و قيل ليس لكم أن تحبسوهن علىكره منهن طمعا في ميراثهن و قيل ليس لكم أنتسيئوا صحبتهن ليفتدين بما لهن أو بماسقتم إليهن من مهورهن أو ليمتن فترثوهن«وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ» أي و أن لاتحبسوهن و قيل و لا تمنعوهن عن النكاح«لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ماآتَيْتُمُوهُنَّ» و اختلف في المعني بهذاالنهي على أربعة أقوال (أحدها) أنه الزوج أمره الله بتخلية سبيلها إذا لميكن له فيها حاجة و أن لا يمسكها إضرارابها حتى تفتدي ببعض مالها عن ابن عباس وقتادة و السدي و الضحاك و هو المروي عن أبيعبد الله (ع) (و ثانيها) أنه الوارث نهي عن منع المرأةمن التزويج كما كان يفعله أهل الجاهليةعلى ما بيناه عن الحسن (و ثالثها) أنهالمطلق أي لا يمنع المطلقة من التزويج كماكانت تفعله قريش في الجاهلية ينكح الرجلمنه المرأة الشريفة فإذا لم توافقه فارقهاعلى أن لا تتزوج إلا بإذنه و يشهد عليهابذلك و يكتب كتابا فإذا خطبها خاطب فإنأرضته أذن لها و إن لم تعطه شيئا عضلهافنهى الله عن ذلك عن ابن زيد (و رابعها) أنهالولي خوطب بأن لا يمنعها عن النكاح عنمجاهد و القول الأول أصح «إِلَّا أَنْيَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» أيظاهرة و قيل فيه قولان (أحدهما) أنه يعنيإلا أن يزنين عن الحسن و أبي قلابة و السديو قالوا إذا اطلع منها على زنية فله أخذالفدية (و الآخر) أن الفاحشة النشوز عن ابنعباس و الأولى حمل الآية على كل معصية و هوالمروي عن أبي جعفر (ع) و اختاره الطبري. و اختلف في هذاالاستثناء و هو قوله «إِلَّا أَنْيَأْتِينَ» من ما ذا هو فقيل هو من أخذالمال و هو قول أهل التفسير و قيل كان هذاقبل الحدود و كان الأخذ منهن على وجهالعقوبة لهن ثم نسخ عن الأصم و قيل هو منالحبس و الإمساك على ما تقدم في قولهفَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ عن أبيعلي الجبائي و أبي مسلم إلا أن أبا علي قالإنها منسوخة و أبى أبو مسلم النسخ «وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» أيخالطوهن من العشرة التي هي المصاحبة بماأمركم الله به من أداء حقوقهن التي هيالنصفة في القسم و النفقة و الإجمال فيالقول و الفعل و قيل المعروف أن لا يضربهاو لا يسيء القول فيها و يكون منبسط الوجهمعها و قيل هو أن يتصنع لها كما تتصنع له«فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ» أي