لما بين الله سبحانه حكم الكفار الذينقلدوا آباءهم و أسلافهم و ركنوا إلىأديانهم عقبه بالأمر بالطاعة و بيان أنالمطيع لا يؤاخذ بذنوب العاصي فقال «ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْأَنْفُسَكُمْ» معناه احفظوا أنفسكم منملابسة المعاصي و الإصرار على الذنوب عنالفراء و غيره و قيل معناه ألزموا أمرأنفسكم فإنما ألزمكم الله أمرها عن الزجاجو هذا موافق لما روي عن ابن عباس أن معناهأطيعوا أمري و احفظوا وصيتي «لايَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَااهْتَدَيْتُمْ» أي لا يضركم ضلال من ضل منآبائكم و غيرهم إذا كنتم مهتدين و يقال هلتدل هذه الآية على جواز ترك الأمربالمعروف و النهي عن المنكر و جوابه أن فيهذا وجوها (أحدها) أن الآية لا تدل على ذلكبل توجب أن المطيع لربه لا يؤاخذ بذنوبالعاصي (و ثانيها) إن الاقتصار علىالاهتداء باتباع أمر الله إنما يجوز فيحال التقية أو حال لا يجوز تأثير إنكارهفيها أو يتعلق بإنكاره مفسدة و روي أن أبا ثعلبة سأل رسول الله (ص) عنهذه الآية فقال ائتمروا بالمعروف و تناهواعن المنكر حتى إذا رأيت دنيا مؤثرة و شحامطاعا و هوى متبعا و إعجاب كل ذي رأي برأيهفعليك بخويصة نفسك و ذر الناس و عوامهم (و ثالثها) إن هذه أوكد آية في وجوب الأمربالمعروف و النهي عن المنكر لأن اللهتعالى خاطب بها المؤمنين فقال«عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ» يعني عليكمأهل دينكم كما قال و لا تقتلوا أنفسكم لايضركم من ضل من الكفار و هذا قول ابن عباسفي رواية عطا عنه قال يريد يعظ بعضكم بعضاو ينهى بعضكم بعضا و يعلم بعضكم بعضا مايقربه إلى الله و يبعده من الشيطان و لا