ثم بين المحرمات من النساء فقال«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ»لا بد فيه من محذوف لأن التحريم لا يتعلقبالأعيان و إنما يتعلق بأفعال المكلف ثميختلف باختلاف ما أضيف إليه فإذا أضيف إلىمأكول نحو قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُالْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ فالمراد الأكل وإذا أضيف إلى النساء فالمراد العقدفالتقدير حرم عليكم نكاح أمهاتكم فحذفالمضاف و أقيم المضاف إليه مقامه لدلالةمفهوم الكلام عليه و كل امرأة رجع نسبكإليها بالولادة من جهة أبيك أو من جهة أمكبإناث رجعت إليها أو بذكور فهي أمك «وَبَناتُكُمْ» أي و نكاح بناتكم و كل امرأةرجع نسبها إليك بالولادة بدرجة أو درجاتبإناث رجع نسبها إليك بذكور فهي بنتك «وَأَخَواتُكُمْ» هي جمع الأخت و كل أنثىولدها شخص ولدك في الدرجة الأولى فهي أختك«وَ عَمَّاتُكُمْ» هي جمع العمة و كل ذكررجع نسبك إليه فأخته عمتك و قد تكون العمةمن جهة الأم مثل أخت أبي أمك و أخت جد أمكفصاعدا «وَ خالاتُكُمْ» و هي جمع الخالة وكل أنثى رجع نسبها إليها بالولادة فأختهاخالتك و قد تكون الخالة من جهة الأب مثلأخت أم أبيك أو أخت جدة أبيك فصاعدا و إذاخاطب تعالى المكلفين بلفظ الجمع كقوله«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ» ثم أضاف المحرماتبعده إليهم للفظ الجمع فالآحاد تقع بإزاءالآحاد فكأنه قال حرم على كل واحد منكمنكاح أمه و من يقع عليها اسم الأم و نكاحبنته و من يقع عليها اسم البنت و كذلكالجميع «وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُالْأُخْتِ» فهذا أيضا على ما ذكرناه جمعبإزاء جمع فيقع الآحاد بإزاء الآحاد والتحديد في هؤلاء كالتحديد في بنات الصلبو هؤلاء السبع هن المحرمات بالنسب و قد صحعن ابن عباس أنه قال حرم الله من النساءسبعا بالسبب و تلا الآية ثم قال و السابعةوَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْمِنَ النِّساءِ ثم ذكر سبحانه المحرماتبالسبب فقال «وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِيأَرْضَعْنَكُمْ» سماهن أمهات للحرمة و كلأنثى انتسبت إليها باللبن فهي أمك فالتيأرضعتك أو أرضعت امرأة أرضعتك أو رجلاأرضعت بلبانه من زوجته أو أم ولد له فهيأمك من الرضاعة و كذلك كل امرأة ولدت امرأةأرضعتك أو رجلا أرضعك فهي أمك من الرضاعة«وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ» يعنيبنات المرضعة و هن ثلاث الصغيرة الأجنبيةالتي أرضعتها أمك بلبان أبيك سواء أرضعتهامعك أو مع ولدها قبلك أو بعدك و الثانيةأختك لأمك دون أبيك و هي التي أرضعتها أمكبلبان غير أبيك و الثالثة أختك لأبيك دونأمك و هي التي أرضعتها زوجة