لما أمر الله سبحانه بالتقوى و صلةالأرحام عقبه بباب آخر من التقوى و هوتوفير حقوق اليتامى فقال «وَ آتُواالْيَتامى أَمْوالَهُمْ» و هذا خطابلأوصياء اليتامى أي أعطوهم أموالهمبالإنفاق عليهم في حالة الصغر و بالتسليمإليهم عند البلوغ إذا أونس منهم الرشد وسماهم يتامى بعد البلوغ مجازا لأن النبي (ص) قال لا يتم بعد احتلام كما قالوا للنبي (ص) يتيم أبي طالب بعدكبره يعنون أنه رباه و كقوله سبحانه وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ أي الذينكانوا سحرة «وَ لا تَتَبَدَّلُواالْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ» معناه لاتستبدلوا ما حرمه الله تعالى عليكم منأموال اليتامى بما أحله الله لكم منأموالكم و اختلف في صفة التبديل فقيل كانأوصياء اليتامى يأخذون الجيد من مالاليتيم و الرفيع منه و يجعلون مكانهالخسيس و الرديء عن إبراهيم النخعي والسدي و سعيد بن المسيب و الزهري و الربيعو الضحاك و قيل معناه لا تتبدلوا الخبيثبالطيب بأن تتعجلوا الحرام قبل أن يأتيكمالرزق الحلال الذي قدر لكم عن أبي صالح ومجاهد و قيل معناه ما كان أهل الجاهليةيفعلونه من أنهم لم يكونوا يورثون النساءو لا الصغار بل يأخذه الكبار عن ابن زيد وأقوى الوجوه الأول لأنه إنما ذكر عقيبأموال اليتامى فيكون معناه لا تأخذواالسمين و الجيد من أموالهم و تضعوامكانهما المهزول و الرديء فتحفظون عليهمعدد أموالهم و مقاديرها و تجحفون بهم فيصفاتها و معانيها و قوله «وَ لاتَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلىأَمْوالِكُمْ» أي مع أموالكم و معناه و لاتضيفوا أموالهم إلى أموالكم فتأكلوهماجميعا و يحتمل أن يكون معناه و لا تخلطواالجيد من أموالهم بالرديء من أموالكمفتأكلوها فإن في ذلك إجحافا و إضرارا بهمفأما إذا لم يكن في ذلك أضرار و لا ظلم فلابأس بخلط مال اليتيم بماله فقد روي أنه لما نزلت هذه الآية كرهوامخالطة اليتامى فشق ذلك عليهم فشكوا ذلكإلى رسول الله (ص) فأنزل الله سبحانه وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْإِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْتُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ في الدينالآية عن الحسن و هو المروي عن السيدينالباقر (ع) و الصادق (ع) «إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً» أي إثماعظيما.