«إِثْماً عَظِيماً» منصوب على المصدر لأن«افْتَرى» بمعنى إثم و هذا كما تقولحمدته شكرا.
النزول
قال الكلبي نزلت في المشركين وحشي وأصحابه و ذلك أنه لما قتل حمزة و كان قد جعلله على قتله أن يعتق فلم يوف له بذلك فلماقدم مكة ندم على صنيعه هو و أصحابه فكتبواإلى رسول الله (ص) إنا قد ندمنا على الذيصنعناه و ليس يمنعنا عن الإسلام إلا أناسمعناك تقول و أنت بمكة وَ الَّذِينَ لايَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِيحَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لايَزْنُونَ الآيتان و قد دعونا مع اللهإلها آخر و قتلنا النفس التي حرم الله وزنينا فلو لا هذه لاتبعناك فنزلت الآية«إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَعَمَلًا صالِحاً» الآيتين فبعث بهما رسولالله إلى وحشي و أصحابه فلما قرأهما كتبواإليه أن هذا شرط شديد نخاف أن لا نعمل عملاصالحا فلا نكون من أهل هذه الآية فنزلت«إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ» الآية فبعثبها إليهم فقرءوها فبعثوا إليه أنا نخافأن لا نكون من أهل مشيئة فنزلت «ياعِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىأَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْرَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعاً» فبعث بها إليهمفلما قرءوها دخل هو و أصحابه في الإسلام ورجعوا إلى رسول الله (ص) فقبل منهم ثم قاللوحشي أخبرني كيف قتلت حمزة فلما أخبرهقال ويحك غيب شخصك عني فلحق وحشي بعد ذلكبالشام و كان بها إلى أن مات و قال أبو مجلزعن ابن عمر قال نزلت في المؤمنين و ذلك أنهلما نزلت «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَأَسْرَفُوا» الآية قام النبي (ص) علىالمنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجلفقال و الشرك بالله فسكت ثم قام إليه مرتينأو ثلاثا فنزلت «إِنَّ اللَّهَ لايَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ» الآية أثبتهذه في الزمر و هذه في النساء و روى مطرف بنالشخير عن عمر بن الخطاب قال كنا على عهدرسول الله (ص) إذا مات الرجل منا على كبيرةشهدنا بأنه من أهل النار حتى نزلت الآيةفأمسكنا عن الشهادات.
المعنى
ثم أنه تعالى آيس الكفار من رحمته فقال«إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْيُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَلِمَنْ يَشاءُ» معناه إن الله لا يغفر أنيشرك به أحد و لا يغفر ذنب الشرك لأحد ويغفر ما دونه من الذنوب لمن يريد قالالمحققون هذه الآية أرجى آية في القرآنلأن فيها إدخال ما دون الشرك من جميعالمعاصي في مشيئة الغفران وقف اللهالمؤمنين الموحدين بهذه الآية بين الخوف والرجاء و بين العدل و الفضل و ذلك صفةالمؤمن و لذلك قال الصادق (ع) لو وزن رجاء المؤمن و خوفهلاعتدلا و يؤيده قوله سبحانه «وَ مَنْ يَقْنَطُمِنْ