مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
عيسى و من قال على هذا أن هذا الجلد المجددلم يذنب فكيف يعذب من لا يستحق العذابفجوابه أن المعذب الحي و لا اعتباربالأطراف و الجلود و قال علي بن عيسى إن مايزاد لا يؤلم و لا هو بعض لما يؤلم و إنماهو شيء يصل به الألم إلى المستحق له (وثانيها) إن الله يجددها بأن يردها إلىالحالة التي كانت عليها غير محترقة كمايقال جئتني بغير ذلك الوجه إذا كان قد تغيروجهه من الحالة الأولى كما إذا انكسر خاتمفاتخذ منه خاتما آخر يقال هذا غير الخاتمالأول و إن كان أصلهما واحدا فعلى هذا يكونالجلد واحدا و إنما تتغير الأحوال عليه وهو اختيار الزجاج و البلخي و أبي عليالجبائي (و ثالثها) إن التبديل إنما هوللسرابيل التي ذكرها الله تعالىسَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ و سميتالسرابيل الجلود على سبيل المجاورةللزومها الجلود و هذا ترك للظاهر بغيردليل و على القولين الأخيرين لا يلزم سؤالالتعذيب لغير العاصي فأما من قال إنالإنسان غير هذه الجملة المشاهدة و أنهالمعذب في الحقيقة فقد تخلص من هذا السؤالو قوله «لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» معناهليجدوا ألم العذاب و إنما قال ذلك ليبينأنهم كالمبتدأ عليهم العذاب في كل حالةفيحسون في كل حالة ألما لكن لا كمن يستمربه الشيء فإنه يصير أخف عليه «إِنَّاللَّهَ كانَ عَزِيزاً» أي لم يزل منيعالا يدافع و لا يمانع و قيل معناه أنه قادرلا يمتنع عليه إنجاز ما توعد به أو وعده«حَكِيماً» في تدبيره و تقديره و في تعذيبمن يعذبه و روى الكلبي عن الحسن قال بلغناأن جلودهم تنضج كل يوم سبعين ألف مرة «وَالَّذِينَ آمَنُوا» بكل ما يجب الإيمان به«وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ» أي الطاعاتالصالحة الخالصة «سَنُدْخِلُهُمْجَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَاالْأَنْهارُ» أي من تحت أشجارها و قصورهاالأنهار أي ماء الأنهار «خالِدِينَفِيها» أي دائمين فيها «أَبَداً لَهُمْفِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ» طهرن منالحيض و النفاس و من جميع المعائب والأدناس و الأخلاق الدنية و الطبائعالردية لا يفعلن ما يوحش أزواجهن و لا يوجدفيهن ما ينفر عنهن «وَ نُدْخِلُهُمْ» فيذلك «ظِلًّا ظَلِيلًا» أي كنينا ليس فيهحر و لا برد بخلاف ظل الدنيا و قيل ظلادائما لا تنسخه الشمس كما في الدنيا و قيلظلا متمكنا قويا كما يقال يوم أيوم و ليلأليل و داهية دهياء يصفون الشيء بمثللفظه إذا أرادوا المبالغة.