1ـ أنّ تكون الاُمّة قد بلغت في الرشدالفكريّ والعقليّ مبلغاً يؤهلها للحفاظعلى أسس الشريعة ومفاهيمها من أيِّ دسّوتحريف.2ـأن تكون فروع الدين واُصوله واضحةًومعلومةً لدّى الاُمّة، وضوحاً يمكِّنهامن تمييز الحقّ عن الباطل، والدخيل عنالأصيل في مفاهيمه، وعقائده وتشريعاته.3ـ أن يكون لديها كلّ ما صدر من النبيّالأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم منأحاديث ونصوص كاملة، لتقدر بمراجعة مالديها من الحديث وعلم الكتاب ومعارفه; علىأن تميِّز الصحيح من المجعول والوارد منالموضوع.ولا ريب أنّ الاُمّة الإسلاميّة قد وصلتآنذاك بفضل جهود صاحب الدعوة، إلى درجةمرموقة من الوعي والحفظ لنص الكتاب الكريمما يجعلها قادرةً على حفظ النصّ القرآنيّمن التحريف، وصونه من محاولات الزيادةوالنقصان كما نرى ذلك في قصة الصحابيّالجليل «ابيّ بن كعب» الذي كان له موقفعظيم من عثمان في قضية إثبات الواو في آيةالكنز; وإليك الواقعة كما ينقلها تفسيرالدرّ المنثور عن علباء بن أحمر: (إنّعثمان بن عفان لمّا أراد أن يكتب المصاحفأرادوا (1)أن يلقوا (الواو) التي في سورةالبراءة في قوله تعالى: (يَاأيُّهاالَّذِينَ آمَنُوا إِنّ كَثِيراًمِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِلَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِبِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبيلِاللّهِ والَّذِينَ يَكْنِزُونَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَيُنفِقُونَهَا فِي سَبيلِ اللّهِفَبَشِّرْهُمْ بِعَذاب أَليم) (التوبة: 34).قال ابيّ: (لتلحقنّها أو لأضعنّ سيفي علىعاتقي) فألحقوها (2).فقد كان عثمان يريد أن يقرأ قوله تعالى:(والَّذِينَ يَكْنِزُونَ) بدون واو العطفلتكون هذه الجملة وصفاً للأحبار اليهود..وهذا مضافاً إلى كونه خلاف التنزيلوتغييراً في ما نزل به الوحي كما تلاهالرسول وقرأه على مسامع القوم، فإنّ حذفالواو كان يعني; أنّ آية حرمة الكنز لاترتبط بالمسلمين; بل هي صفة للأحباروالرهبان وكان يقصد من1- هكذا في الأصل، والصحيح: أراد إلاّ أنيراد الكتّاب.2- الدرّ المنثور 3: 232.