ولمّا كانت هذه المسؤوليات لاينهض بهاإلاّ الإمام اللاّئق بخلافة النبيّ صلّىالله عليه وآله وسلّم القادر على سدّالفراغ الكبير الذي يحدثه غياب النبيّصلّى الله عليه وآله وسلّم ولا توجد هذهاللياقة بالتربية العاديّة المتعارفة بللا بدّ من عناية ربانية واعداد إلهيّ.ولمّا كانت معرفة مثل هذا الإمام اللائقالمعصوم متعذرةً على الاُمّة، يتعين علىاللّه سبحانه العارف بعباده، المحيط بهم،أن يعرّف الاُمّة بالإمام وينصبه لهم. ولايترك الأمر إلى نظر الاُمّة ورأيها لتختارحسب ما ترى، وتشاء.ثمّ إنّ الشيخ الرئيس (ابن سينا) أشار فيبعض كلماته إلى فوائد تنصيب الإمام، التيترجع إلى بعض ما ذكرنا، وإليك بعض نصوصكلماته: (ثمّ إنّ هذا الشخص الذي هو النبيّصلّى الله عليه وآله وسلّم، ليس ممّايتكرر وجود مثله في كلّ وقت فإنّ المادةالتي تقبل كمال مثله يقع في قليل منالأمزجة، فيجب لا محالة; أن يكون النبيّقددبّر لبقاء ما يسنّه ويشرّعه في اُمورالمصالح الإنسانية تدبيراً عظيماً).إلى أن قال ـ في الفصل الخامس ـ: ثمّ يجب أنيفرض السانّ (أيّ الشارع) طاعة من يخلفه،وأن لا يكون الاستخلاف إلاّ من جهته (أيّمن جهة السانِّ الشارع) أو بإجماع من أهلالسابقة على من يصححون، علانيةً، عندالجمهور أنّه مستقل بالسياسة وأنّه أصيلالعقل حاصل عنده الأخلاق الشريفة منالشجاعة والعفة وحسن التدبير، وأنّه عارفبالشريعة حتّى لا أعرف منه تصحيحاً.إلى أن قال: ويسنّ عليهم أنّهم إذاافترقوا وتنازعوا للهوى والميل، أوأجمعوا على غير من وجدوا الفضل فيهوالاستحقاق فقد كفروا باللّه.والاستخلاف بالنصّ أصوب; فإنّ ذلك لا يؤديإلى التشعّب والتشاغب والاختلاف) (1).1- الشفاء 2 (الفن الثالث عشر في الإلهيّاتـ المقالة العاشرة الفصل الثالث والخامس ـفي المبدأ والمعاد): 558 و 564 (طبعة إيران).