خليفة للمسلمين لم يتجاوز أهل المدينة،وربّما كان بعض أهل مكّة، وأمّا المسلمونـ جميعاً ـ في الجزيرة العربية فلميشاركوا في هذه البيعة، ولم يشهدوها ولميروا رأيهم، وإنّما ورد عليهم الخبر بموتالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم معالخبر باستخلاف أبي بكر) (1).ويؤيّد الثاني (أي اعتبار الشورى أساساًللحكم تصحيحاً للحكومات التي قامت بعدوفاة النبيّ) أنّهم ذكروا ـ فيما تنعقد بهالإمامة والخلافة نفس الأعداد التي تنطبقعليها خلافة أحد الخلفاء، فلم يكن اعتبارهذه الأعداد والوجوه إلاّ للاعتقادالمسبّق بصحّة خلافة اُولئك الخلفاء.ولأجل ذلك يقول الماورديّ: (الإمامة تنعقدمن وجهين:أحدهما: باختيار أهل العقد والحلّ.والثاني: بعهد الإمام من قبل.فأمّا انعقاها باختيار أهل العقد والحلّ،فقد اختلف الفقهاء في عدد من تنعقد بهالإمامة منهم; على مذاهب شتّى، فقالتطائفة لا تنعقد الإمامة إلاّ بجمهور أهلالعقد والحلّ من كلّ بلد ليكون الرضا بهعامّاً، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذامذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة،باختيار من حضرها ولم ينتظر لبيعته قدومغائب عنها.وقالت طائفة أخرى: أقلُّ ما تنعقد به منهمالإمامة (خمسة) يجتمعون على عقدها، أويعقدها أحدهم برضا الأربعة استدلالاًبأمرين:أحدهما: أنّ بيعة أبي بكر انعقدت بخمسةاجتمعوا عليها، ثمّ تابعهم الناس فيهاوهم: (عمر بن الخطاب) و (أبو عبيدة الجراح)و(أسيد بن حضير) و (بشر بن سعد) و(سالم مولىأبي حذيفة).الثاني: أنّ عمر (رض) جعل الشورى في ستّةليعقد لأحدهم برضا الخمسة، وهذا قول أكثرالفقهاء والمتكلّمين من أهل البصرة.1- الإمامة والخلافة: 241.