الفوارق والمشكلات الاقتصاديّة تنتفيالحاجة إلى الدولة.وقد مضت الإجابة الكاملة على هذه النظريةالخاطئة في الجزء الأوّل من كتابنا.فهناك قلنا: بأنّ الدوافع الحقيقية إلىوجود الدولة لاتنحصر في المسائلالماديّة، والمشاكل الاقتصاديّة، ليزولالاختلاف والتصارع بمجرّد محو الفوارقالطبقيّة، وزوال الصراع الطبقي وتنتفيالحاجة إلى الدولة. بل هناك دوافعأخلاقيّة وغرائزيّة إلى جانب المسائلالاقتصاديّة ـ سبق شرحها ـ(1) ولأجلهالامناص للمجتمع ـ كيفما كان ـ من تأسيسالدولة وإقامتها.الطائفة الثانية: هم أصحاب السوابقالسوداء الذين تضمن الأوضاع الفوضويّةوغياب السلطة الحكومية مصالحهم الخاصّة،ويخشون طائلة الحساب والعقاب والملاحقةوالمؤاخذة، ولذلك نجدهم يعارضون وجودالدولة ليتسنّى لهم المضيُّ في ما يريدوندون محاسب أو رقيب، ودون شيء يعرّضمصالحهم للخطر، ويسدّ عليهم طريق النهبوالسلب!!الطائفة الثالثة: وهم الذين لم يعهدوا منالحكومات إلاّ العنف والجور والاستبدادوخدمة الأقوياء، وسحق المستضعفين وهضمحقوقهم، وامتصاص دمائهم، ونهب خيراتهموهدر كرامتهم. فهم بمجرد سماع لاسم الدولةيتذكرون فوراً تلك الحكومات الجائرةوسجونها المخيفة، وتعذيبها الوحشيّ الذيكان ينتظر أيّ معارض أو معترض.. ولذلك فهمينفرون من سماعهم اسم الدولة، ويخشون منقيامها أشدّ خشيةً لما يلازمها من صورالاستبداد والعنف والظلم!!غير أنّ هذا الفريق لو تسنّى له أن يقف علىصيغة(الحكومة الإسلاميّة) بخصائصهاالمطلوبة منها، وما تتّسم به من إنسانيّةورحمة وعدل; لما اتخذ هذا الموقف السلبيّمن الحكومة التي يدعو الإسلام إلى انشائهاوايجادها. بل لاستقبلها برحابة صدر، ولسعىإلى إيجادها وإقامتها سعياً.1- راجع الجزء الاول من كتابنا: 572.