فليس في الإسلام محاكم خاصّة بالعسكر،واُخرى عاديّة، واُخرى خاصّة بأصحابالرتب العالية، والمناصب الرفيعة.ثمّ بما أنّ الإسلام يشترط في تعيينالقضاة شرائط معيّنة لا تتوفّر إلاّ فيالصالحين العدول الأتقياء من الرجال، لايوجد هناك في القضاء الإسلاميّ استئنافولا تمييز إذ على القاضي الصالح أن لا يحكمإلاّ بعد أن يحصل على الأدلّة والإثباتاتالكافية للحكم فيندر لذلك وقوع الخطأ.. بلقد ينعدم أصلاً.. هذا مع العلم أنّ المبرّرلوجود الاستئناف في المحاكم الراهنة هوكثرة وقوع الخطأ في أحكامها لخلوّها عنالشرائط الدقيقة التي اعتبرها الإسلام.نعم إذا تبيّن لقاض آخر خطأ القاضي فيحكمه جاز له نقضه والحكم بما يقتضيه الحقّ.قال صاحب الشرائع: «كلّ حكم قضى به الأوّلوبان للثاني فيه خطأ فإنّه ينقضه» (1).وقال صاحب الجواهر في شرح الشرائع: «إنّالحكم ينقض في موردين:الأوّل: إذا خالف الحكم الأوّل دليلاًعلميّاً لا مجال للاجتهاد فيه، أو دليلاًأجتهاديّاً لا مجال للاجتهاد بخلافه إلاّغفلة أو نحوهما.الثاني: إذا تراضى الخصمان على تجديدالدعوى وقبول حكم الحاكم الثاني، ولا ينقضفي غير ذلك» (2).على أنّ ما ذكرناه لايمثّل إلاّ جوهرالقضاء الإسلاميّ، والخطوط العريضة لهذهالسلطة وبرامجها ووظائفها وغاياتها، أمّااختيار الترتيبات والأشكال التي تحقّقهذا الجوهر، وكيفيّة الأجهزة التي تقومبهذه المهمّة الخطيرة فمتروك لمقتضياتالحاجة والزمن.1- شرائع الإسلام: كتاب القضاء و آدابه.2- جواهر الكلام 4: 79.