فقال لي: يا بنيّ أنت اللاعن عليّاً منذاليوم؟!قلت: نعم.قال: فمتى علمت أنّ اللّه سخط على أهل بدربعد أن رضي عنهم؟فقلت: يا أبت، وهل كان (عليّ) من أهل بدر؟فقال: ويحك! وهل كانت بدر كلّها إلاّ له؟فقلت: لا أعود.فقال: اللّه إنّك لا تعود.قلت: نعم.فلم ألعنه بعدها.ثمّ كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطبيوم الجمعة، وهو حينئذ أمير، فكنت أسمعأبي يمرّ في خطبته تهدر شقاشقه حتّى يأتيإلى لعن عليّ (عليه السلام) فيجمجم ويعرضله من الفهاهة والحصر ما اللّه عالم به،فكنت أعجب من ذلك.فقلت له يوماً: يا أبت أنت أفصح الناسوأخطبهم فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلكحتّى إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكنعييّاً؟فقال: يا بنيّ أنّ من ترى تحت منبرنا منأهل الشام وغيرهم لو علموا من فضل هذاالرجل ما يعلمه أبوك لم يتّبعنا منهم أحد.فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله ليمعلّمي أيام صغري فأعطيت اللّه عهداً لئنكان لي في هذا الأمر نصيب لاُغيرنّه...فلمّا منّ اللّه عليّ بالخلافة أسقطت ذلك،وجعلت مكانه (إنَّ اللّهَ يَأْمُرُبِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِذِي القُرْبَى وَ يَنْهَى عَنِالفَحشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْييَعِظُكُمْ لََعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)وكتبت إلى الافاق فصار سنّة (1).1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 58المتوفّى (655).