الإخراج من البلد. فيقول: (لاَيَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الّذِينَ لَمْيُقَاتِلوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْيُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْتَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُواْ إِلَيهِمْإِنّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *إِنّمَا يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِالّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْوَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْتَوَلّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلّهُمْفَاُولَئِكَ هُمُ الظّالِمونَ)(الممتحنة:8ـ9).فالإسلام لايمنع عن البرّ والقسط إليهم،وإنّما منع عن الذين ظاهروا على المسلمينوتآمروا ضدّهم.إنّ هذه الآية تعطي ميزاناً كلّيّاًلكيفية تعامل المسلمين مع غيرهم،والميزان هو مسالمة كلّ من سالم ومعاداةكلّ من عادى.وممّا يؤيّد هذا الأمر قوله سبحانه: (يَاأَيُّها الّذِينَ ءَامنُوا لاَتَتّخِذُواْ بِطَانَةً مِنْ دونِكُمْ لاَيَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْأَفْواهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْأَكْبَرُ قَدْ بَيّنّا لَكُمُ الآياتِإِنْ كُنْتُم تَعْقِلُونَ)(آل عمران: 118).إذن; فالقرآن يمنع من التسامح مع الآخرينإذا كانوا يعادون المسلمين ويتعاونون معالمشركين لإيذاء المسلمين.إنّ نظرةً واحدةً إلى التاريخ الإسلاميّتكشف لنا; أنّ عدل الحكومات الإسلاميّةوعفوها ولطفها كان سبباً لأن يرجّح الكثيرمن المسيحيين وغيرهم، العيش في ظل النظامالإسلاميّ رغبةً وطواعية لما رأوا وسمعواولمسوا من مسامحة المسلمين وحسنمعاملتهم، ولما لمسوه من حكّامهمالمتديّنين بدينهم من الظلم والجور علىخلاف المسلمين وحكّامهم.وإليك ما ذكره البلاذري في هذا المجال:(لمّا جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغالمسلمين إقبالهم إليهم لوقعة اليرموك،ردّوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم منالخراج، وقالوا: قد شغلنا عن نصرتكموالدفع عنكم فأنتم على أمركم، فقال أهلحمص[وكانوا مسيحيّين]: لولايتكم وعدلكم أحبُّإلينا ممّا كنّا فيه من الظلم،والغشم،ولندفعنّ جند هرقل عن المدينة مع عاملكم،ونهض اليهود فقالوا: