إيجاد مثل هذه الحكومات الجائرةالمستبدّة، إنّما هي: الحكومة الصالحةالعادلة الحائزة لرضا الاُمّة، الملتزمةبإجراء القوانين الإلهيّة العادلة.ومن المعلوم; أنّ مثل هذه الحكومة لن تهدفإلاّ خدمة الامة، وحماية حقوقها وحرمتهاوصيانة كرامتها، وتحقيق سعادتها، ولذلكفهي تعيش في ضمير الاُمّة وترتبطبوجدانها.إنّ ما ينشد الإسلام إقامته وإيجاده هو:الدولة العادلة التي رسم الإمام عليّ(عليه السلام) أهمّ خطوطها في عهده المشهورلمالك الأشتر الذي ولاّه على مصر، حيثيقول في موضع منه: «واجعل لذوي الحاجات منكقسماً تفرّغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهممجلساً عاماً فتتواضع فيه للّه الذي خلقك،وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطكحتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع»(1).إنّ الحاكم العادل ـ في نظر الإسلام ـ هومن يشارك شعبه في أفراحه وأتراحه، وفيآلامه وآماله، لا أن يعيش في البروجالعاجيّة، متنعّماً في أحضان اللّذة،رافلاً في أنواع الخير، غير عارف بأحوالمن يسوسهم; كما قال الإمام عليّ (عليهالسلام) وهويرسم بذلك ملامح الحكومةالإسلاميّة الصالحة: «ءأقنع من نفسي بأنيقال: أمير المؤمنين، ولا أشاركهم فيمكاره الدّهر، أو أكون أسوةً لهم في جشوبةالعيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيّباتكالبهيمة المربوطة همُّها علفها، أوالمرسلة شغلها تقمُّمها»(2)ولو كان المفكّرون المعاصرون يعرفون مااشترطه الإسلام للحاكم من شروط وعيّن لهمن وظائف وواجبات، وفرض عليه من قيود،وكيف يجب عليه أن يكون في جميع أفعالهمنسجماً مع القوانين الإسلاميّة العادلة،ولو عرفوا الأهداف التي يبتغيها الإسلاممن وراء إقامة الدولة الإسلاميّة، لمااعتبروا قيام مثل هذه الحكومة معارضاًللحرّيّات الفرديّة أبداً.1- نهج البلاغة: الرسالة رقم (53).2- نهج البلاغة: الرسالة رقم (45).